فإن قلت : إذا التزمت بوجود المصلحة في التمام في حقّ خصوص المعتقد بوجوب التمام مع قصوره عن توجيه الخطاب والتكليف إليه أو لزوم المحذور منه ، فهل للقصر مصلحة في حقّه أم لا؟ فإن كانت للقصر مصلحة ملزمة فيجب عليه صلاتان فلا يغني التمام عن القصر ، وإن لم يكن له مصلحة فكيف تلتزم بالعقاب على تركه مع التقصير؟
قلت : المصلحة الموجودة في التمام إنّما هي المصلحة المتداركة لمصلحة القصر بعد عروض العجز عنه ، وهذا لا ينافي وجود المصلحة الأوّليّة المطلقة في القصر للمسافر بحيث يعاقب المكلّف على تفويتها ، كما يلتزم بالعقاب على ترك الصلاة بالطهارة المائيّة مع كفاية الصلاة بالطهارة الترابيّة إذا كان تفويت الطهارة المائيّة بسوء اختيار المكلّف وهكذا في أمثاله.
فإن قلت : المستحيل توجيه الخطاب من جهة الخلف ، أو الدور ، أو غيرهما بالتمام إلى المسافر إذا كان على سبيل الإطلاق. وأما إذا كان بعنوان الاشتراط والتقييد بالعزم على معصية خطاب القصر فلا نسلّم استحالته.
قلت ـ مضافا إلى رجوع ما ذكر إلى دفع الإشكال بوجه آخر ستقف عليه ـ لا نسلّم إمكانه أيضا من جهة استلزامه لرفع الخطاب بالتمام كما ستقف على بيانه.
فإن قلت : ما ذكر من دفع الإشكال خلاف ما يستظهر من أخبار الباب ؛ فإن ظاهرها كون التمام مأمورا به وصلاة في حق الجاهل.