الممتازة عن غيرها ذاتاً أو ترتيباً ، أمر قابل للحاظ الواضع بنفسه فيلاحظ بوحدته الطبيعية وتوضع لمعنى ، بخلاف هيئة الكلمة ، فانّ الزنة لمكان اندماجها في المادة لا يعقل أن تلاحظ بنفسها لاندماجها غاية الاندماج في المادة ، فلا استقلال لها في الوجود اللحاظي كما في الوجود الخارجي كالمعنى الحرفي ، فلا يمكن تجريدها ولو في الذهن عن المواد ، فلذا لا جامع ذاتي لها كحقائق النسب ، فلا محالة يجب الوضع لأشخاصها بجامع عنواني كقولهم : كل ما كان على زنة فاعل ، وهو معنى نوعية الوضع ، أي الوضع لها بجامع عنواني لا بشخصيتها الذاتية.
٢ ـ أو المراد أنّ المادة حيث يمكن لحاظها فقط فالوضع شخصي ، والهيئة حيث لا يمكن لحاظها فقط إلاّفي ضمن مادة فالوضع لها يوجب اقتصاره عليها فيجب أن يقال : هيئة فاعل وما يشبهها ، وهذا معنى نوعية الوضع ، أي لا لهيئة شخصية واحدة بوحدة طبيعية بل لها ولما يشبهها فتدبر (١) ، انتهى.
وما أفاده قدسسره من الجواب في غاية المتانة وحاصله : أنّ كل مادة يمكن للواضع أن يلاحظها بشخصها وبوحدتها الطبيعية ، مثلاً لفظ الانسان أو مادة ( ض ر ب ) يمكن أن يلاحظه بشخصه وبوحدته ويوضع لمعنى ، فالوضع لا محالة يوجب الاقتصار على تلك المادة أو ذلك اللفظ فلا ينحل إلى أوضاع عديدة ، فيكون نظير الوضع الخاص والموضوع له الخاص ، وهذا بخلاف الهيئة ، فانّها حيث لا يمكن أن تلاحظ بشخصها ووحدتها الذاتية بدون مادة ما ، يجب أن توضع بجامع عنواني ، ومن هنا ينحل إلى أوضاع متعددة فيثبت لكل هيئة وضع خاص مستقل نظير وضع العام والموضوع له الخاص ، وهذا معنى كون الوضع فيها نوعياً ، أي أنّ الملحوظ حال الوضع جامع عنواني ، ولكن الموضوع
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ٧٧.