٤ ـ أنّا لو سلّمنا أنّه تمّ حتّى فيما إذا كان المبدأ أمراً اعتبارياً أو انتزاعياً ، إلاّ أنّه لا يتمّ في مثل اسم الآلة والزمان والمكان وما شاكل ذلك.
ما هي النسبة بين المبدأ والذات؟
المبدأ قد يكون مغايراً للذات كما في قولنا : زيد ضارب مثلاً ، واخرى يكون عين الذات كما في الصفات العليا له تعالى فيقال : الله قادر وعالم.
لا إشكال في صحّة إطلاق المشتق وجريه على الذات على الأوّل ، وإنّما الكلام في الثاني وأ نّه يصح إطلاقه على الذات أم لا؟ فيقع الإشكال فيه من جهتين :
الاولى : اعتبار التغاير بين المبدأ والذات ، ولا يتم هذا في صفاته تعالى الجارية عليه ، لأنّ المبدأ فيها متحد مع الذات بل هو عينها خارجاً ، ومن هنا التزم صاحب الفصول قدسسره (١) بالنقل في صفاته تعالى عن معانيها اللغوية.
الثانية : اعتبار تلبس الذات بالمبدأ وقيامه بها بنحو من أنحاء القيام ، وهذا بنفسه يقتضي التعدد والاثنينية ، ولا اثنينية بين صفاته تعالى وذاته ، بل فرض العينية بينهما يستلزم قيام الشيء بنفسه ، وهو محال.
لا يخفى أنّ هذه الجهة في الحقيقة متفرّعة على الجهة الاولى ، وهي اعتبار المغايرة بين المبدأ والذات ، فانّه بعد الفراغ عن اعتبارها يقع الكلام في الجهة الثانية ، وأنّ ما كان المبدأ فيه متحداً مع الذات بل عينها خارجاً كيف يعقل
__________________
(١) الفصول الغروية : ٦٢.