وبكلمة اخرى : أنّ الجامع بينهما لايخلو من أن يكون معنىً حدثياً أو جامداً ، ولا ثالث لهما ، وعلى كلا التقديرين لا يكون الجامع المزبور جامعاً ذاتياً ، إذ على الأوّل لا ينطبق على الجوامد. وعلى الثاني لا ينطبق على المعنى الحدثي ، وهذا معنى عدم تصوّر جامع ذاتي بينهما.
وممّا يشهد على ذلك : اختلافهما ـ أي الأمر بمعنى الطلب والأمر بمعنى غيره ـ في الجمع ، فانّ الأوّل يجمع على أوامر ، والثاني على امور ، وهذا شاهد صدق على اختلافهما في المعنى ، ولهذا لا يصح استعمال أحدهما في موضع الآخر ، فلا يقال : بقي أوامر ، أو ينبغي التنبيه على أوامر ، وهكذا ... فالنتيجة بطلان هذه النقطة.
وأمّا الثانية : فلأ نّه لا دليل على أخذ الأهمّية في معنى الأمر بحيث يكون استعماله فيما لا أهمّية له مجازاً ، وذلك لوضوح أنّ استعماله فيه كاستعماله فيما له أهمّية في الجملة من دون فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً.
وإن شئت قلت : إنّ الأهمّية لو كانت مأخوذةً في معناه لكانت متبادرة منه عرفاً عند إطلاقه وعدم نصب قرينة على الخلاف ، مع أنّها غير متبادرة منه كذلك ، ومن هنا صحّ توصيفه بما لا أهمّية له ، وبطبيعة الحال أنّها لو كانت داخلة في معناه لكان هذا تناقضاً ظاهراً.
فالنتيجة : أنّ نظريّة المحقق النائيني قدسسره في موضوع بحثنا نظريّة خاطئة ولا واقع موضوعي لها.
ويمكن أن نقول : إنّ مادة الأمر موضوعة لغةً لمعنيين على سبيل الاشتراك اللفظي.
أحدهما : الطلب في إطار خاص ، وهو الطلب المتعلق بفعل الغير ، لا الطلب المطلق الجامع بين ما يتعلق بفعل غيره وما يتعلق بفعل نفسه ، كطالب العلم ،