ذاتية إلى ذاته تعالى وتقدس وإلى صفة اخرى كذلك إنّما هو في المصداق ، لا في المفهوم ، لما عرفت من أنّ مفهوم كل واحد منها غير مفهوم الآخر ، ومن هنا قال الأكابر من الفلاسفة : إنّ مفهوم الارادة هو الابتهاج والرضا أو ما يقاربهما معنىً ، لا العلم بالصلاح والنظام ، ويعبّر عنه بالشوق الأكيد فينا ، والسرّ في التعبير عن الارادة فينا بالشوق المؤكد ، وبصرف الابتهاج والرضا فيه تعالى ، هو أنّا لمكان إمكاننا ناقصون في الفاعلية ، وفاعليتنا لكل شيء بالقوّة ، فلذا نحتاج في الخروج من القوّة إلى الفعل إلى مقدّمات زائدة على ذواتنا من تصور الفعل ، والتصديق بفائدته ، والشوق الأكيد ، فيكون الجميع محرّكاً للقوّة الفاعلة المحركة للعضلات ، وهذا بخلاف الواجب تعالى فانّه لتقدسه عن شوائب الامكان وجهات القوّة والنقصان ، فاعل بنفس ذاته العليمة المريدة ، وحيث إنّه صرف الوجود وصرف الخير مبتهج بذاته أتمّ الابتهاج ، وذاته مرضي لذاته أتمّ الرضا ، وينبعث من هذا الابتهاج الذاتي ـ وهو الارادة الذاتية ـ ابتهاج في مرحلة الفعل ، فانّ من أحبّ شيئاً أحبّ آثاره ، وهذه المحبة الفعلية هي الارادة في مرحلة الفعل ، وهي التي وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهمالسلام بحدوثها.
يحتوي ما أفاده قدسسره على عدّة نقاط :
الاولى : أنّ مفهوم الارادة غير مفهوم العلم ، فانّ مفهوم الارادة الابتهاج والرضا ، ومفهوم العلم الانكشاف ، فلا يصح تفسير أحدهما بالآخر ، وإن كان مطابقهما واحداً ، وهو ذاته تعالى.
الثانية : أنّ إرادته تعالى من الصفات الذاتية العليا كالعلم والقدرة وما شاكلهما ، وليست من الصفات الفعلية.
الثالثة : أنّ الارادة فينا عبارة عن الشوق الأكيد المحرّك للقوّة العاملة المحرّكة للعضلات نحو المراد ، وتحققها ووجودها في النفس يتوقف على مقدّمات