الثاني : ما إذا كانت القدرة فيه شرطاً شرعياً ودخيلة في ملاكه وهذا يتصوّر على أقسام :
الأوّل : أن يكون الشرط هو القدرة المطلقة على سعتها.
الثاني : أن يكون الشرط هو القدرة الخاصة ، وهي القدرة بعد حصول شرط خاص من شرائط الوجوب.
الثالث : أن يكون الشرط هو القدرة في وقت الواجب.
أمّا القسم الأوّل : فحاله حال ما إذا كانت القدرة شرطاً عقلياً حرفاً بحرف ، إلاّ في نقطة واحدة وهي أنّ القدرة إذا كانت شرطاً عقلياً لم يكن لها دخل في ملاك الواجب فانّه تام في كلتا الحالتين : التمكن وعدمه ، وإذا كانت شرطاً شرعياً كان لها دخل في ملاكه ، ولا ملاك له في حال عدم التمكن. ولكن هذه النقطة غير فارقة فيما نحن فيه ، وذلك لأنّ الشرط إذا كان القدرة المطلقة كما هو المفروض وجب تحصيلها في أوّل أزمنة الامكان وإن كان قبل زمن الوجوب ، وحرم عليه تفويتها إذا كانت موجودة ، فإنّه مع التمكن من إتيان الواجب في ظرفه ولو باعداد أوّل مقدماته قد تمّ ملاكه فلا يجوز تفويته ، وقد عرفت استقلال العقل بقبحه والعقاب عليه بقاعدة أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً. فالنتيجة : أنّه لا فرق بين هذا القسم والقسم السابق فيما هو المهم في المقام أصلاً.
وأمّا القسم الثاني : فلا يجب فيه على المكلف تحصيل القدرة على الواجب من قبل مقدماته قبل تحقق شرطه ، بل يجوز له تفويتها إذا كانت حاصلة وذلك كمقدمات الحج مثلاً ، فإنّه لا بدّ من أن يفرّق بين حالتي حصول هذا الشرط ـ وهو الاستطاعة ـ وعدمه ، فعلى الأوّل يستقلّ العقل بوجوب الاتيان بها ليتمكّن من الاتيان بالواجب في ظرفه ، لفرض أنّ ملاكه قد تمّ فلا حالة منتظرة