المزبور لا تقع فاسدة ، وذلك لأنّ الواجب على ضوء هذا القول إنّما هو الترك الخاص وهو الترك الموصل لا مطلق الترك ، ومن الطبيعي أنّ نقيضه ـ وهو ترك هذا الترك الخاص ـ ليس عين الصلاة في الخارج ، بل هو مقارن لها لتحققه في ضمن الصلاة مرّة ، وفي ضمن الترك غير الموصل مرّة اخرى ، ومن المعلوم أنّ الحرمة الثابتة لشيء لا تسري إلى ملازمه فضلاً عن مقارنه اتفاقاً ، وعلى هذا فلا تكون الصلاة منهياً عنها لتقع فاسدة.
وأورد على ذلك شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره على ما في تقريراته (١) من أنّ هذه الثمرة ليست بتامة ، والسبب في ذلك : هو أنّ الفعل على كلا القولين ليس نقيضاً للترك ، لأنّ نقيض كل شيء رفعه ونقيض الترك رفع الترك وهو غير الفعل ، غاية الأمر على القول بوجوب مطلق المقدمة ينحصر مصداق النقيض في الفعل فحسب ، وعلى القول بوجوب خصوص الموصلة فله فردان في الخارج : أحدهما : الفعل ، والآخر : الترك غير الموصل ، حيث إنّ نقيض الأخص أعم ، ومن الواضح أنّ حرمة النقيض كما تسري إلى فعل الصلاة على الأوّل ، كذلك تسري إليه على الثاني ، لفرض أنّ الفعل على كلا القولين ليس عين النقيض ، بل هو فرده وثبوت الحرمة له من باب السراية ، وبديهي أنّه لا فرق في السراية بين انحصار فرده في الفعل وعدم انحصاره فيه أبداً. فإذن تقع الصلاة على كلا القولين فاسدة فلا تظهر الثمرة بينهما.
والجواب عنه أوّلاً : أنّ الفعل لا يعقل أن يكون مصداقاً للترك ، لاستحالة كون الوجود مصداقاً للعدم لتباينهما ذاتاً واستحالة صدق أحدهما على الآخر ، كيف فانّ العدم لا تحقق له خارجاً لينطبق على الوجود. وعلى الجملة : فلا يعقل أن يكون العدم جامعاً بين الوجود والعدم المحض ، وعلى هذا فلا يكون
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٧٨.