ليس على مخالفة الوجوب الطريقي الواصل المصادف للواقع ، ضرورة أنّ مخالفة الوجوب الطريقي بما هو لا توجب العقاب ، وفي صورة المصادفة للواقع ليس العقاب على مخالفته ، بل إنّما هو على مخالفة الواقع ، فانّه بعد تنجزه بوجوب الاحتياط أو التعلم فلا محالة توجب مخالفته استحقاق العقاب.
وعلى الجملة : فوجوب الاحتياط أو التعلم ليس وجوباً نفسياً على الفرض ، لتستلزم مخالفته العقوبة ، بل هو وجوب طريقي شأنه إحراز الواقع وتنجزه ، وبعده لا محالة يكون العقاب على مخالفة الواقع بما هو لا على مخالفته ، وضم مخالفته إلى مخالفة الواقع بالاضافة إلى استحقاق العقاب كالحجر في جنب الانسان ، ضرورة أنّه لا دخل له في العقاب أصلاً.
نعم ، ما أفاده قدسسره من أنّ العقاب لا يمكن أن يكون على الواقع المجهول بما هو متين ، إلاّ أنّ ذلك لا يوجب أن لا يمكن العقاب عليه بعد إحرازه وتنجزه من جهة وجوب الاحتياط أو التعلم أيضاً. فما أفاده قدسسره هنا لا يلائم مذهبه من أنّ وجوب التعلم والاحتياط طريقي لا نفسي.
وأمّا النقطة الثالثة : وهي استحالة أخذ النسيان في موضوع الحكم ، فهي في غاية الجودة والاستقامة ، وقد تعرّضنا لها في الدورة السابقة في آخر بحث البراءة والاشتغال بصورة مفصّلة فلا حاجة إلى الاعادة هنا ، ويأتي الكلام فيها في محلّها إن شاء الله تعالى (١).
الوجه الثاني : ما ذكره المحقق صاحب الكفاية قدسسره وإليك نص كلامه :
قلت : إنّما حكم بالصحة لأجل اشتمالها على مصلحة تامة لازمة الاستيفاء
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٥٣٣.