ثمّ قال الصبيّ : يا بصري هات جوابات الكتب الّتي معك ، فدفعتها إليه ، وقلت في نفسي : هذه بيّنتان وبقي الهميان ، ثمّ خرجت إلي جعفر وهو يزفر فقال له حاجز الوشاء : يا سيّدي مَن الصبيّ؟ فقال : واللّه ما رأيته قطّ ولا أعرفه ، فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام ، فعرفوا موته ، فقالوا : فمَن؟ فأشار الناس إلى جعفر ، فسلّموا عليه وعزّوه وقالوا : إنّ معنا كتباً ومالاً فتقول ممّن الكتب؟ وكم المال؟ ..
فقام جعفر ينفض أثوابه ويقول : تريدون منّا أن نعلم الغيب؟ فخرج الخادم ـ أي خادم المهديّ عليهالسلام ـ فقال : معكم كتب فلان وفلان ، وهميان فيه ألف دينار ، عشرة دنانير منها مطليه ، فدفعوا إليه الكتب والمال وقالوا : الّذي وجّه بك لأخذ ذلك هو الإمام.
وهكذا تمّت جميع العلائم الّتي أخبر بها الإمام العسكري عليهالسلام لخادمه أبي الأديان ، ومنذ ذلك اليوم بدأت الغيبة الصغرى لإمامنا المهديّ عجّل اللّه فرجه الشريف.
الإمام المهديّ مع والده
لقد قضى الإمام المهديّ عليهالسلام خمس سنوات أو أقلّ في ظلال رعاية أبيه الحسن العسكري عليهالسلام ونهل منه روحانيته ، وكان مؤيّداً بروح القدس مختفياً عن النّاس ، لا يراه أحد إلّا الخواصّ من الشيعة وبعض مواليه المطّلعين من ولادته ، مدعوماً ومؤيّداً بروح القدس ، تصدّى الإمامة بعد استشهاد أبيه عليهالسلام في سنة : (٢٦٠ هـ ) لزومة الدين ، ومنذ هذه السنة بدأت غيبته الصغرى.