يوم الجمعة ، وما دلّ على وجوب الظهر فيه ، فانّه لا تنافي بين دليليهما بالذات أصلاً ، لتمكن المكلف من الجمع بينهما ولكن العلم الخارجي بعدم وجوب ستّة صلوات في يوم واحد أوجب التنافي بينهما ، إذن فلا بدّ من الرجوع إلى قواعد باب المعارضة ، ولا مساس لأمثال هذا المثال بباب المزاحمة أبداً ، ولذا لو لم يكن ذلك الدليل الخارجي لقلنا بوجوب كليهما معاً من دون أيّة منافاة ومزاحمة في البين. ولكن العجب من شيخنا الاستاذ قدسسره كيف غفل عن ذلك وأدخل المقام في باب المزاحمة.
ونتيجة ما ذكرناه لحدّ الآن : هي أنّ التزاحم بين تكليفين في مقام الامتثال لا يعقل إلاّمن ناحية عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في ذلك المقام ، وعليه فالتزاحم منحصر في قسم واحد ولا ثاني له.
إلى هنا قد تمّ بصورة واضحة بيان كل من التزاحم في الملاكات بعضها ببعض ، والتزاحم في الأحكام ، وعلى ضوء ذلك البيان قد ظهر أنّه لا اشتراك بينهما أصلاً لنحتاج إلى بيان نقطة امتياز أحدهما عن الآخر.
وأمّا الجهة الثانية : وهي بيان حقيقة التعارض وأساسه الموضوعي ، فقد ذكرنا (١) أنّ التعارض هو تنافي مدلولي الدليلين في مقام الاثبات على وجه التناقض أو التضاد بالذات أو بالعرض.
والأوّل : كما إذا دلّ دليل على وجوب شيء ودلّ دليل آخر على عدم وجوبه أو على حرمته ، أو دلّ دليل على طهارة شيء ودلّ دليل آخر على نجاسته وهكذا ، وأمثلة ذلك في الروايات والنصوص الواردة في أبواب الفقه بشتّى أنواعها كثيرة جداً ، بل هي خارجة عن حدود الاحصاء عادة.
__________________
(١) في مصباح الاصول ٣ : ٤١٧