وأمّا إذا كان التعارض بينهما بالاطلاق كما هو الغالب ، فإن كان أحدهما من الكتاب أو السنّة والآخر من غيره ، فيقدّم الأوّل على الثاني على بيان تقدّم ، وإلاّ فيسقط كلا الاطلاقين معاً فيرجع إلى الأصل العملي ومقتضاه عدم اعتبار خصوصية هذا وخصوصية ذاك ، فالنتيجة هي اعتبار أحدهما ، وقد سبق الكلام من هذه الناحية بشكل واضح فلاحظ (١).
وأمّا الفرع السادس : وهو ما إذا دار الأمر بين سقوط أصل الشرط وسقوط قيده ، كما إذا دار الأمر بين سقوط أصل الساتر في الصلاة وسقوط قيده وهو الطهارة ، فقد ذكر قدسسره أنّه يسقط قيده ، لتأخر رتبته.
أقول : ينبغي لنا أن نستعرض هذا المورد وما شاكله على نحو ضابط كلّي ، بيان ذلك : هو أنّ القيد ـ سواء أكان قيداً للشرط أو للجزء أو للمرتبة الاختيارية من الركن أو له بتمام مراتبه ـ لا يخلو من أن يكون مقوّماً للمقيد بحيث ينتفي بانتفائه ، وأن يكون غير مقوّم له ، مثال الأوّل القيام المتصل بالركوع ، فانّه مقوّم للمرتبة الاختيارية منه ، مثال الثاني اعتبار الطهارة في الستر ، والطمأنينة في الركوع والسجود والأذكار والقراءة وما شاكل ذلك ، فانّ شيئاً منها لا ينتفي بانتفاء هذا القيد ، فلا ينتفي الستر بانتفاء الطهارة ، ولا الركوع والسجود بانتفاء الطمأنينة وهكذا ، وبعد ذلك نقول :
أمّا القسم الأوّل ، فلا شبهة في أنّ انتفاءه يوجب انتفاء المقيد ، فلا وجه لدعوى كون الساقط هو خصوص القيد ، ضرورة أنّه مقوّم له ، فكيف يعقل بقاؤه مع انتفائه ، كما هو واضح. وعليه فإذا كان المتعذر هو خصوص هذا القيد ، كالقيام المتصل بالركوع مثلاً ، فلا محالة يسقط المقيد به. وأمّا إذا كان
__________________
(١) ص ١٠٦ وما بعدها