فما أفاده المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) من ابتناء مسألة التزاحم على أن يكون المقتضي لكلا الحكمين موجوداً في مورد المزاحمة ، ومسألة التعارض على أن يكون المقتضي لأحدهما موجوداً في مورد المعارضة لا يرجع إلى أصل صحيح ، وسيأتي تفصيله بشكل واضح في مسألة اجتماع الأمر والنهي إن شاء الله تعالى (٢).
وأمّا الجهة الرابعة : فيقع الكلام فيها في موردين :
الأوّل : فيما تقتضيه القاعدة في المتعارضين.
الثاني : في مرجحاتهما.
أمّا المورد الأوّل : فقد ذكرنا في بحث التعادل والترجيح (٣) أنّ مقتضى القاعدة سقوط المتعارضين عن الحجية وفرضهما كأن لم يكونا ، والوجه في ذلك هو أنّ دليل الاعتبار لا يشمل كليهما معاً لاستحالة التعبد بالمتناقضين أو الضدّين ، فشموله لأحدهما المعيّن وإن لم يكن له مانع في نفسه ، إلاّ أنّه معارض بشموله للآخر ، حيث إنّ نسبته إلى كليهما على حد سواء ، وعليه فالحكم بشموله لهذا دون ذاك ترجيح بلا مرجح ، وأحدهما لا بعينه ليس فرداً ثالثاً ، فإذن يسقطان معاً فيرجع إلى العموم أو الاطلاق إن كان ، وإلاّ فإلى أصل عملي ، وتمام الكلام في ذلك بصورة مشروحة في بحث التعادل والترجيح إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٤ الثامن
(٢) في ص ٤٠٠
(٣) مصباح الاصول ٣ : ٤٤٠