فما يختاره مصداق للواجب لا أنّه الواجب بعينه.
وثانياً : أنّه منافٍ لقاعدة الاشتراك في التكليف ، ضرورة أنّ لازم هذا القول كما عرفت هو اختلاف التكليف باختلاف المكلفين ، بل باختلاف حالاتهم ، ففي المثال المتقدم لو اختار أحدهم القصر مثلاً والآخر التمام ، فيكون تكليف الأوّل واقعاً هو القصر والثاني هو التمام ، أو لو اختار أحدهم صوم شهرين متتابعين مثلاً والآخر عتق الرقبة والثالث إطعام ستّين مسكيناً ، فيكون الواجب على الأوّل واقعاً هو الصوم وعلى الثاني العتق وعلى الثالث الاطعام ، ومن الواضح جداً أنّ هذا منافٍ صريح لقاعدة الاشتراك في التكليف التي هي من القواعد الضرورية ، فإذن لا يمكن الالتزام بهذه النظرية أبداً.
وثالثاً : أنّ لازم هذا القول أن لا يكون وجوب في الواقع عند عدم اختيار المكلف أحدهما وترك امتثاله وعصيانه ، ضرورة أنّ الوجوب إنّما يتحقق باختيار المكلف إيّاه في مقام الامتثال كما هو المفروض ، وأمّا قبل اختياره فلا وجوب واقعاً ليصدق عليه أنّه تركه وعصاه فيستحقّ العقوبة.
وإن شئت فقل : إنّ لازم هذه النظرية هو أنّ وجوب كل منهما في الواقع مشروط باختيار المكلف إيّاه في ظرف الامتثال ، ولازمه هو أنّه لا وجوب له قبل اختياره ، ضرورة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه ، كما هو واضح ، فإذن لا موضوع للعصيان واستحقاق العقوبة عند ترك المكلف الاتيان بالجميع ، ضرورة أنّ إيجاد الشرط غير واجب عليه ، وهذا بديهي البطلان.
ورابعاً : أنّه إذا لم يكن شيء منهما واجباً في حال العصيان فلا يكون واجباً في حال الامتثال أيضاً ، والوجه في ذلك : هو أنّ كلاً من العصيان والامتثال وارد على موضوع واحد ، فيتحقق العصيان فيه مرّةً والامتثال مرّة اخرى ، فإذا فرض أنّه لم يكن واجباً في حال العصيان فلا يعقل أن يكون واجباً في حال