الاتيان بالآخر ، ولكن لازم ذلك هو الالتزام في صورة المخالفة وعدم الاتيان بشيء منها باستحقاق العقاب على ترك كل منها ، ضرورة أنّه لا يجوز ترك الواجب بدون الاتيان ببدله ، وإنّما يجوز الترك إلى بدل لا مطلقاً ، فإذا فرض أنّ المكلف ترك الصوم بلا بدل وترك العتق والاطعام كذلك ، فلا محالة يستحقّ العقاب على ترك كل منها.
فما أفاده شيخنا المحقق قدسسره من أنّه في هذا الفرض يستحق عقاباً واحداً ، وهو العقاب على ما لا يجوز تركه وهو الواحد منها ، لا يرجع إلى معنىً محصّل ، وذلك لأنّ عدم استحقاقه العقاب على ترك البقية عند الاتيان بواحد منها من جهة أنّ تركها إلى بدل ، وقد عرفت أنّه جائز وإنّما لا يجوز تركها بلا بدل ، والمفروض أنّ عند ترك الجميع يكون ترك كل منها بلا بدل فيستحقّ العقاب عليه.
وبكلمة اخرى : أنّ ترك كل واحد منها مقتضٍ لاستحقاق العقاب ، لفرض أنّه ترك الواجب ، والمانع منه إنّما هو الاتيان بالآخر ، فإذا فرض أنّه لم يأت به أيضاً وتركه فلا مانع من استحقاقه العقاب أصلاً ، فيكون العقاب عندئذ على الجمع بين التركين أو التروك ، وقد مرّ نظير ذلك في بحث الترتب (١) وقلنا هناك إنّ المكلف إذا ترك الأهم والمهم معاً فيستحق عقابين ، ويكون العقابان على الجمع بين ترك هذا وترك ذاك ، مع أنّ من الواضح جداً أنّه لا يمكن الالتزام بتعدد العقاب في المقام أبداً ولم يلتزم به أحد فيما نعلم.
وأمّا تفسيرها الثاني ، فيردّه :
أوّلاً : أنّه خلاف ظاهر الدليل ، فانّ الظاهر كما عرفت وجوب أحد الأطراف أو الطرفين لا وجوب الجميع.
__________________
(١) في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٤٤٤