وثانياً : أنّه لا طريق لنا إلى إحراز أنّ الغرض المترتب على الخصال واحد بالسنخ والنوع وأنّ الالزامي منه وجود واحد ، فانّه يحتاج إلى علم الغيب.
وثالثاً : على تقدير تسليم ذلك إلاّ أنّ لازمه وجوب أحد تلك الخصال لا وجوب الجميع.
ودعوى أنّ وجوب أحدها المردد في الواقع غير معقول ، ووجوب أحدها المعيّن ترجيح بلا مرجح ، فلا محالة وجب الجميع فاسدة ، وذلك لأنّا لا نقول بوجوب أحدهما المردد في الواقع ليقال إنّه غير معقول ، ولا بوجوب أحدهما المعيّن ليكون ترجيحاً من غير مرجح ، بل نقول بوجوب أحدهما لا بعينه وهو غير أحدهما المردد في الواقع المعبّر عنه بأحدهما المصداقي ، ضرورة أنّ الأوّل قابل لتعلق التكليف به دون هذا.
فها هنا دعويان : الاولى : أنّ أحدهما لا بعينه المعبّر عنه بالجامع الانتزاعي قابل لتعلق التكليف به. الثانية : أنّ أحدهما المردد في الواقع غير قابل له.
أمّا الدعوى الاولى : فلأنّه لا يعتبر في متعلق التكليف الذي هو أمر اعتباري أن يكون جامعاً ذاتياً ، بل يجوز أن يكون جامعاً انتزاعياً ، وهو عنوان أحد الفعلين أو الأفعال ، كما سيأتي بيانه بشكل واضح (١).
وأمّا الدعوى الثانية : فلأنّ المردد في الواقع والخارج محال في ذاته ، ضرورة أنّه لا ثبوت ولا وجود له فيه ، فإذن كيف يتعلق الأمر به ، وهذا واضح. فما أفاده شيخنا المحقق قدسسره من أنّ الأمر في المقام لا يخلو من أن يتعلق بأحدهما المردد في الواقع وأن يتعلق بأحدهما المعيّن فيه أو بالجميع ، وحيث إنّ
__________________
(١) في ص ٢٢٢