ذكرناه فيما إذا كان الأمر بأحدهما بالملاك الأوّل ، من أنّ الواجب هو الواحد الجامع بينهما ، ولا أحدهما معيّناً ، مع كون كل واحد منهما مثل الآخر في أنّه وافٍ بالغرض (١).
أقول : ما أفاده قدسسره يرجع إلى عدّة نقاط :
الاولى : أنّ الغرض في المقام إذا كان واحداً بالذات والحقيقة فلا محالة يكشف عن وجود جامع وحداني ذاتي بين الفعلين أو الأفعال ، بقاعدة أنّ الامور المتباينة لا يمكن أن تؤثّر أثراً واحداً بالسنخ ، فوحدة الغرض هنا تكشف عن جهة جامعة حقيقية بينها ، فيكون ذلك الجامع هو متعلق الوجوب بحسب الواقع والحقيقة ، وإن كان متعلقه بحسب الظاهر هو كل واحد منها ، وعليه فيكون التخيير بينها عقلياً لا شرعياً ، فالنتيجة أنّ مردّ هذه الفرضية إلى انكار التخييري الشرعي كما لا يخفى.
الثانية : ما إذا كان الغرض متعدداً في الواقع ، وكان كل واحد منه قائماً بفعل ، إلاّ أنّ حصول واحد من الغرض مضاد لحصول الآخر ، فلا يمكن الجمع بينهما في الخارج ، فعندئذ لا مناص من الالتزام بوجوب كل منهما بنحو يجوز تركه إلى بدل لا مطلقاً ، ضرورة أنّه بلا موجب ومقتضٍ بعد فرض أنّ الغرضين المترتبين عليهما متضادان فلا يمكن تحصيل كليهما معاً ، وعليه فيكون التخيير بينهما شرعياً ، ضرورة أنّ مردّ هذه الفرضية إلى وجوب هذا أو ذاك ، ولا نعني بالتخيير الشرعي إلاّهذا.
الثالثة : أنّ الواجب ليس هو أحدهما لا بعينه ، لا مصداقاً أعني به الفرد
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٠ ـ ١٤١