إن قلت : هبه في مثل ما إذا كان للأكثر وجود واحد لم يكن للأقل في ضمنه وجود على حدة ، كالخط الطويل الذي رسم دفعة بلا تخلل سكون في البين ، لكنّه ممنوع فيما إذا كان له في ضمنه وجود كتسبيحة في ضمن تسبيحات ثلاث أو خط طويل رسم مع تخلل العدم في رسمه ، فانّ الأقل قد وجد بحدّه وبه يحصل الغرض على الفرض ، ومعه لا محالة يكون الزائد عليه مما لا دخل له في حصوله ، فيكون زائداً على الواجب لا من أجزائه.
قلت : لا يكاد يختلف الحال بذاك ، فانّه مع الفرض لا يكاد يترتب الغرض على الأقل في ضمن الأكثر ، وإنّما يترتب عليه بشرط عدم الانضمام ، ومعه كان مترتباً على الأكثر بالتمام. وبالجملة إذا كان كل واحد من الأقل والأكثر بحدّه مما يترتب عليه الغرض ، فلا محالة يكون الواجب هو الجامع بينهما وكان التخيير بينهما عقلياً إن كان هناك غرض واحد ، وتخييراً شرعياً فيما كان هناك غرضان على ما عرفت. نعم ، لو كان الغرض مترتباً على الأقل من دون دخل للزائد ، لما كان الأكثر مثل الأقل وعدلاً له ، بل كان فيه اجتماع الواجب وغيره ، مستحباً كان أو غيره حسب اختلاف الموارد فتدبر جيداً (١).
نلخّص ما أفاده قدسسره في عدّة نقاط :
الاولى : أنّه لا مانع من الالتزام بالتخيير بين الأقل والأكثر فيما إذا كان كل منهما بحدّه محصلاً للغرض ، وعليه فلا يكون الأقل في ضمن الأكثر محصّلاً له ، ومعه لا مانع من الالتزام بالتخيير بينهما. وبكلمة اخرى : أنّ الغرض إذا كان مترتباً على حصة خاصة من الأقل ، وهي الحصة التي لا تكون في ضمن الأكثر ( بشرط لا ) لا على الأقل مطلقاً ، فلا مناص عندئذ من الالتزام بالتخيير بينهما
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٤٢