وذلك لفرض أنّ الماهية بشرط لا تباين الماهية بشرط شيء ، فإذا فرض أنّ الأقل مأخوذ بشرط لا كما هو مفروض كلامه ، لا محالة يكون مبايناً للأكثر المأخوذ بشرط شيء ، ضرورة أنّ الماهية بشرط لا تباين الماهية بشرط شيء ، فلا يكون التخيير بينهما من التخيير بين الأقل والأكثر بحسب الواقع والدقّة العقلية ، بل هو من التخيير بين المتباينين ، وعليه فما فرضه قدسسره من التخيير بينهما خارج عن محل الكلام ولا إشكال في إمكانه بل وقوعه خارجاً في العرف والشرع ، ومحل الكلام إنّما هو فيما إذا كان الغرض مترتباً على وجود الأقل مطلقاً ، أي ولو كان في ضمن الأكثر ، بأن يكون مأخوذاً لا بشرط ، ومن الواضح جداً أنّ التخيير بينهما في هذا الفرض غير معقول ، ضرورة أنّه كلّما تحقق الأقل يحصل به الغرض ، ومعه يكون الأمر بالزائد لغواً محضاً.
فالنتيجة قد أصبحت مما ذكرناه : أنّ الأقل إن كان مأخوذاً بشرط لا ، فالتخيير بينه وبين الأكثر وإن كان أمراً معقولاً إلاّ أنّه بحسب الواقع داخل في كبرى التخيير بين المتباينين لا الأقل والأكثر كما عرفت ، وإن كان مأخوذاً لا بشرط فلا يعقل التخيير بينه وبين الأكثر ، ضرورة أنّه بمجرد تحقق الأقل ولو في ضمن الأكثر يحصل الغرض ، ومعه لا يبقى مجال للاتيان بالأكثر أصلاً ، فإذن جعله في أحد طرفي التخيير يصبح لغواً محضاً فلا يصدر من الحكيم. وعلى ضوء هذا البيان إن أراد القائل باستحالة التخيير بينهما التخيير على النحو الأوّل الذي هو تخيير شكلي بينهما لا واقعي موضوعي ، فيردّه ما ذكرناه من أنّه لا شبهة في إمكانه بل وقوعه خارجاً ، لما عرفت من أنّه ليس تخييراً بين الأقل والأكثر ، بل هو تخيير في الحقيقة بين المتباينين. وإن أراد باستحالة التخيير بينهما التخيير على النحو الثاني فالأمر كما ذكره.
ومن هنا يظهر أنّ التخيير بين القصر والتمام في الأمكنة الأربعة ليس تخييراً