الأوّل : أن يقال إنّ التكليف متوجه إلى واحد معيّن عند الله ، ولكنّه يسقط عنه بفعل غيره لفرض أنّ الغرض واحد فإذا حصل في الخارج فلا محالة يسقط الأمر.
ويردّه أوّلاً : أنّ هذا خلاف ظواهر الأدلة ، فانّ الظاهر منها هو أنّ التكليف متوجه إلى طبيعي المكلف لا إلى فرد واحد منه المعيّن في علم الله ، كما هو واضح.
وثانياً : لو كان الأمر كذلك فلا معنى لسقوط الواجب عنه بفعل غيره ، فانّه على خلاف القاعدة فيحتاج إلى دليل ، وإذا لم يكن دليل فمقتضى القاعدة عدم السقوط. ودعوى أنّ الدليل في المقام موجود ، لفرض أنّ التكليف يسقط باتيان بعض أفراد المكلف وإن كانت صحيحة من هذه الناحية ، إلاّ أنّه من المعلوم أنّ ذلك من ناحية أنّ التكليف متوجه إليه ويعمّه ، ولذا يستحقّ الثواب عليه ، لا من ناحية أنّه يوجب سقوط التكليف عن غيره كما هو ظاهر.
وثالثاً : أنّ مثل هذا التكليف غير معقول ، وذلك لأنّ المفروض أنّ توجه هذا التكليف إلى كل واحد من أفراد المكلف غير معلوم ، فيكون كل منهم شاكّاً في ذلك ، ومعه لا مانع من الرجوع إلى البراءة عنه عقلاً وشرعاً ، لفرض أنّ الشك في أصل ثبوت التكليف ، وهذا هو القدر المتيقن من موارد جريان البراءة. وعلى هذا فلا يمكن أن يصل هذا التكليف إلى المكلف أصلاً ، لما ذكرناه من أنّ وصول التكليف يتوقف على وصول الكبرى والصغرى له معاً ، والمفروض في المقام أنّ الصغرى غير واصلة ، ضرورة أنّ من كان مكلفاً بهذا التكليف في الواقع غير معلوم وأ نّه من هو.
ومن الطبيعي أنّ جعل تكليف غير قابل للوصول إلى المكلف أصلاً لغو محض فلا يترتب عليه أيّ أثر ، ومن المعلوم أنّ صدور اللغو من الحكيم مستحيل ، فإذن يستحيل أن يكون موضوعه هو الواحد المعيّن عند الله ، كما أنّه لا يمكن