التخييري من أنّ الواجب أحدهما لا بعينه المنطبق على هذا الفرد أو ذاك لا خصوص أحدهما المعيّن ، فلا فرق بين الواجب التخييري والواجب الكفائي إلاّ من ناحية أنّ الواحد لا بعينه في الواجب التخييري متعلق الحكم ، وفي الواجب الكفائي موضوعه.
بقي هنا فرع ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره (١) هو أنّه إذا فرضنا شخصين فاقدي الماء فتيمّما ، ثمّ بعد ذلك وجدا ماءً لا يكفي إلاّلوضوء أحدهما ، فهل يبطل تيمم كل منهما أو لا يبطل شيء منهما أو يبطل واحد منهما لا بعينه دون الآخر؟ وجوه.
قد اختار قدسسره الوجه الأوّل ، وأفاد في وجه ذلك : أنّ في المقام اموراً ثلاثة : الأوّل : الأمر بالوضوء ، الثاني : الأمر بالحيازة ، الثالث : القدرة على الحيازة. لا إشكال في أنّ وجوب الوضوء مترتب على الحيازة الخارجية وكون الماء في تصرف المكلف ، ليصدق عليه أنّه واجد له فعلاً ، وأمّا وجوب الحيازة على كل منهما فمشروط بعدم سبق الآخر وحيازته ، وإلاّ فلا وجوب ، كما هو واضح ، وعلى هذا فلا يمكن وجوب الوضوء على كل منهما فعلاً ، لفرض أنّ الماء لا يكفي إلاّلوضوء أحدهما ، ولكن بطلان تيممهما لا يترتب على وجوب الوضوء لهما فعلاً ، بل هو مترتب على تمكن المكلف من استعمال الماء وقدرته عليه عقلاً وشرعاً ، والمفروض أنّ القدرة على الحيازة بالاضافة إلى كليهما موجودة فعلاً ، ضرورة أنّ كلاً منهما متمكن فعلاً من حيازة هذا الماء في نفسه مع قطع النظر عن الآخر ، وعدم كفاية الماء إلاّلوضوء واحد إنّما يكون منشأً لوقوع التزاحم بين فعلية حيازة هذا وذاك خارجاً ، لا بين القدرة على الحيازة ، لما عرفت من أنّها فعلية بالاضافة إلى كليهما معاً من دون أيّ تنافٍ في البين.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٧٣