وأمّا على الثاني ـ وهو ما إذا كان التقييد بدليل منفصل ـ فلا يخلو من أن يكون له إطلاق بالاضافة إلى حالتي الاختيار وعدمه ، أو لا إطلاق له.
فعلى الأوّل لا يدل على وجوب الاتيان به في خارج الوقت ، لفرض أنّ ما دلّ على تقييده بزمان خاص ووقت مخصوص مطلق ، وباطلاقه يشمل حال تمكن المكلف من الاتيان به في الوقت وعدم تمكنه منه ، ولازم هذا لا محالة سقوط الواجب عنه عند مضي الوقت ، وعدم ما يدل على وجوبه في خارج الوقت ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون للدليل الأوّل إطلاق بالاضافة إلى الوقت وخارجه أم لم يكن له إطلاق ، كما لو كان الدليل الدال عليه لبياً من إجماع أو نحوه أو كان لفظياً ، ولكنّه لا يكون في مقام البيان من هذه الناحية ، والوجه في ذلك واضح على كلا التقديرين ، أمّا على تقدير عدم الاطلاق له فالأمر ظاهر ، إذ لا إطلاق له ليتمسك به ، فإذن المحكّم هو إطلاق الدليل المقيّد ، وأمّا على تقدير أن يكون له إطلاق فلما ذكرناه غير مرّة من أنّ ظهور القرينة في الاطلاق يتقدّم على ظهور ذي القرينة فيه فلا تعارض بينهما بنظر العرف أصلاً.
وعلى الثاني ـ وهو ما إذا لم يكن له إطلاق بالاضافة إلى كلتا الحالتين ـ فالمقدار المتيقن من دلالته هو تقييد الأمر الأوّل بخصوص حال الاختيار والتمكن لا مطلقاً ، بداهة أنّه لا يدل على أزيد من ذلك ، لفرض عدم الاطلاق له ، وعليه فلا بدّ من النظر إلى الدليل الأوّل هل يكون له إطلاق أم لا ، فإن كان له إطلاق فلا مانع من الأخذ به لاثبات وجوب الاتيان به في خارج الوقت.
وبكلمة اخرى : أنّ مقتضى إطلاق الدليل الأوّل هو وجوب الاتيان بهذا الفعل كالصلاة مثلاً أو نحوها مطلقاً ـ أي في الوقت وخارجه ـ ولكن الدليل قد دلّ على تقييده بالوقت في خصوص حال الاختيار ، ومن الطبيعي أنّه لا بدّ من الأخذ بمقدار دلالة الدليل ، وبما أنّ مقدار دلالته هو تقييده بخصوص حال