شاكلهما قاعدة الاشتغال ، كما تقدّم بشكل واضح ، وعلى القول الثاني ـ أي القول بكونه أمر جديد ـ فالمرجع في أمثالهما قاعدة البراءة ، كما عرفت الآن.
وقد تحصّل مما ذكرناه عدّة امور :
الأوّل : أنّ التقييد ـ سواء أكان بمتصل أم بمنفصل ـ ظاهر في التقييد من الأوّل ، وأنّ مراد المولى هو المقيد لا غيره ، وحمله على تعدد المطلوب لا يمكن بلا قرينة تدل عليه من داخلية أو خارجية.
الثاني : أنّ لازم ذلك هو كون مقتضى القاعدة سقوط الواجب بسقوط وقته.
الثالث : أنّ نتيجة هذين الأمرين هو كون القضاء بأمر جديد ، وليس تابعاً للأداء ، كما هو واضح.
ثمّ إنّه فيما ثبت فيه وجوب القضاء كالصلاة والصوم ونحوهما إذا خرج الوقت وشكّ المكلف في الاتيان بالمأمور به في وقته ، فهل يمكن إثبات الفوت باستصحاب عدم الاتيان به أم لا؟
وجهان مبنيان على أنّ المتفاهم العرفي من هذه الكلمة ـ أعني كلمة الفوت ـ هل هو أمر عدمي ، الذي هو عبارة عن عدم الاتيان بالمأمور به في الوقت ، أو أمر وجودي ملازم لهذا الأمر العدمي لا أنّه عينه؟ فعلى الأوّل يجري استصحاب عدم الاتيان به في الوقت ، إذ به يثبت ذلك العنوان ويترتب عليه حكمه وهو وجوب القضاء في خارج الوقت ، وعلى الثاني فلا يجري إلاّعلى القول بالأصل المثبت ، لفرض أنّ الأثر غير مترتب على عدم الاتيان بالمأمور به في الوقت ، بل هو مترتب على عنوان وجودي ملازم له في الواقع وهو عنوان الفوت ، ومن المعلوم أنّ إثبات ذلك العنوان باستصحاب عدم الاتيان به من أوضح أنحاء الأصل المثبت ولا نقول به.