ثمّ إنّ الثمرة المترتبة على هذا النزاع هي شرعية عبادة الصبي بمجرد ما ورد في الروايات من قوله عليهالسلام : « مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين » (١) ونحوه مما ورد في أمر الولي للصبي ، فانّه بناءً على ما ذكرناه من أنّ الأمر بالأمر بشيء ظاهر عرفاً في كونه أمراً بذلك الشيء ، تدل تلك الروايات على شرعية عبادة الصبي ، لفرض عدم قصور فيها ، لا من حيث الدلالة كما عرفت ، ولا من حيث السند ، لفرض أنّ فيها روايات معتبرة.
قد يقال كما قيل : إنّه يمكن إثبات شرعية عبادة الصبي بعموم أدلة التشريع كقوله تعالى : ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ )(٢) وقوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ )(٣) وما شاكلهما ، ببيان أنّ تلك الأدلة باطلاقها تعمّ البالغ وغيره ، فانّها كما تدل على تشريع هذه الأحكام للبالغين ، كذلك تدل على تشريعها لغيرهم ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية. وحديث « رفع القلم عن الصبي حتّى يحتلم » (٤) لا يقتضي أزيد من رفع الالزام ، لفرض أنّ هذا الحديث ورد في مورد الامتنان ، ومن المعلوم أنّ المنّة إنّما هي في رفع الحكم الالزامي ، وأمّا رفع الحكم غير الالزامي فلا منة فيه أبداً. فإذن هذا الحديث يرفع الالزام عن عبادة الصبي فحسب لا أصل المحبوبية عنها ، وعلى هذا فتكون عباداته مشروعة لا محالة. فالنتيجة أنّه مع قطع النظر عن تلك الروايات يمكن إثبات مشروعية عباداته (٥).
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٨ / أبواب أعداد الفرائض ب ٣ ح ٥ ( مع اختلاف يسير )
(٢) البقرة ٢ : ٤٣
(٣) البقرة ٢ : ١٨٣
(٤) الوسائل ١ : ٤٢ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٤
(٥) حقائق الاصول ١ : ٣٤٢