الاولى : أنّ التباين بين الأمر والنهي في المعنى ليس من هذه الناحية.
الثانية : أنّه من ناحية اخرى.
أمّا الدعوى الاولى : فلما ذكرناه غير مرّة من أنّ تفسير الأمر مرّةً بالطلب ومرّة اخرى بالبعث والتحريك ، ومرّة ثالثة بالارادة ، وكذا تفسير النهي تارةً بالطلب ، وتارة اخرى بالزجر والمنع ، وتارة ثالثة بالكراهة لا يرجع بالتحليل العلمي إلى معنىً محصّل ، ضرورة أنّ هذه مجرد ألفاظ لا تتعدى عن مرحلة التعبير وليس لها واقع موضوعي أبداً.
نعم ، إنّ صيغة الأمر مصداق للبعث والتحريك لا أنّهما معناها ، كما أنّها مصداق للطلب والتصدي ، وكذلك صيغة النهي مصداق للزجر والمنع ، وليس الزجر والمنع معناها ، وأمّا الارادة والكراهة فليستا معنى الأمر والنهي بالضرورة ، لاستحالة تعلق الارادة بمعنى الاختيار ، وكذلك ما يقابلها من الكراهة بفعل الغير. نعم ، يتعلق الشوق ومقابله بفعل الغير ، ولا يحتمل أن يكونا معنى الأمر والنهي ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّا قد ذكرنا في محلّه أنّه لا معنى للارادة أو الكراهة التشريعية في مقابل التكوينية ، ولا نعقل لها معنىً محصّلاً ما عدا الأمر أو النهي.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين : هي أنّه لا معنى لتفسير الأمر بالارادة والنهي بالكراهة.
وخلاصة الكلام : كما أنّه لا أصل لما هو المشهور من تفسير الأمر بطلب الفعل وتفسير النهي بطلب الترك ، كذلك لا أصل لما عن جماعة من تفسير الأوّل بالبعث والتحريك ، والثاني بالزجر والمنع.
وأمّا الدعوى الثانية : فيقع الكلام فيها مرّةً في معنى الأمر ، ومرّةً اخرى في