بين الطهارة الحدثية والطهارة الخبثية لا يخلو عن مسامحة واضحة ، ضرورة أنّه لا شأن لهما ما عدا كونهما من قيود الصلاة ، فلا معنى لوقوع المزاحمة بينهما في نفسهما مع قطع النظر عن وجوب الصلاة.
وعلى الجملة : فالمزاحمة بين أجزاء وشرائط الصلاة مثلاً بعضها ببعض مع قطع النظر عن وجوبها مما لا تعقل ، ضرورة أنّه لا وجوب لها مع قطع النظر عن وجوب الصلاة. وعلى هذا فلا معنى لوقوع المزاحمة بين وجوب صرف الماء في الوضوء أو الغسل مثلاً ، ووجوب صرفه في تطهير البدن أو الثوب مع الغض عن وجوب الصلاة ، لعدم كونهما في هذا الحال واجبين لتقع المزاحمة بينهما. وأمّا مع ملاحظة وجوبها فالتزاحم بين وجوب الصلاة مع الطهارة المائية ووجوب الصلاة مع طهارة البدن أو الثوب ، فاذا كان الأمر كذلك فلا وجه لتقديم الثانية على الاولى بدعوى أنّ ما ليس له بدل يقدّم على ما له بدل ، وذلك لفرض أنّ لكل واحدة منهما بدلاً ، فكما أنّ للصلاة مع الطهارة المائية بدلاً وهو الصلاة مع الطهارة الترابية ، فكذلك للصلاة مع طهارة البدن أو الثوب بدل وهو الصلاة مع البدن أو الثوب النجس على المختار وعارياً على المشهور ، فاذن لايكون هذا الفرع أو ما شاكله من صغريات الكبرى المتقدمة ، ولاتنطبق تلك الكبرى عليه.
نعم ، لو كان التزاحم بين وجوب صرف الماء في الوضوء أو الغسل ووجوب صرفه في تطهير البدن أو الثوب مع قطع النظر عن وجوب الصلاة ، لكان من صغريات تلك الكبرى ، ولكنك عرفت أنّ التزاحم بينهما غير معقول.
الثاني : أنّ التزاحم كما ذكرناه في غير موضع إنّما يجري بين واجبين نفسيين كالصلاة والازالة مثلاً أو بين واجب وحرام ، وأمّا بين أجزاء وشرائط واجب واحد فلا يعقل جريان التزاحم فيه.