وكذا الحال في المصلحة القائمة بالترك ، فانّها لا تخلو بحسب مقام الثبوت والواقع من أن تكون قائمةً بصرف ترك الطبيعة ، أو بتمام تروكها على نحو العام الاستغراقي ، أو بتمامها على نحو العام المجموعي ، أو بعنوان بسيط متولّد من هذه التروك الخارجية ، ولا خامس لها.
فعلى الأوّل المطلوب هو صرف الترك ، وهو يحصل بترك فرد ما من الطبيعة في الخارج ، فيكون حاله حال ما إذا كان المطلوب هو صرف الوجود.
وعلى الثاني المطلوب هو كل ترك من تروكها على نحو الاستقلال ، بحيث يكون كل منها متعلقاً للحكم مستقلاً مع قطع النظر عن تعلق الحكم بالآخر ، فحاله من هذه الناحية حال ما إذا كان المطلوب هو إيجاد الطبيعة على نحو الاطلاق والانحلال.
وعلى الثالث المطلوب هو مجموع التروك من حيث هو بطلب واحد شخصي ، بحيث يكون تعلق الحكم بكل منها مربوطاً بتعلقه بالآخر ، فيكون حاله حال الصورة الثالثة من هذه الناحية.
وعلى الرابع المطلوب هو ذلك العنوان البسيط ، وأمّا التروك الخارجية فهي محصّلة له ، فيكون حاله من هذه الجهة حال الصورة الرابعة.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّ مردّ هذه الصور الأربع جميعاً إلى إيجاب الترك ، كما أنّ مردّ الصور الأربع الاولى إلى إيجاب الفعل ، ولا يرجع شيء من تلك الصور إلى المنع عن الفعل وحرمته واقعاً ، وإن فرض ورود الدليل عليه بصورة النهي ، والوجه في ذلك واضح ، وهو ما ذكرناه من أنّ النهي عن شيء ينشأ عن اشتماله على مفسدة لزومية وهي تدعو المولى إلى اعتبار حرمان المكلف عنه ، ولا ينشأ عن مصلحة كذلك في تركه ، وإلاّ لزم أن يكون تركه واجباً لا أن يكون فعله