ودعوى أنّ هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم انتقالها من الصورة النباتية وصيرورتها جزءاً للحيوان المأكول خاطئة جداً ، وذلك لأنّ هذا الاستصحاب غير جارٍ في نفسه ، ليعارض الاستصحاب المزبور ، لعدم ترتب أثر شرعي عليه إلاّعلى القول بالأصل المثبت ، فانّ الأثر الشرعي ـ وهو صحة الصلاة ـ إنّما يترتب على عدم كونها جزءاً من غير المأكول ، لا على كونها جزءاً من المأكول ، كما أنّ بطلانها إنّما يترتب على كونها جزءاً من غير المأكول لا على عدم كونها جزءاً من المأكول وهذا واضح ، فإذن لا وجه لهذه الدعوى أصلاً.
فالنتيجة هي أنّه بناءً على ما حققناه في تلك المسألة (١) من جريان استصحاب العدم الأزلي فيها أو العدم النعتي بالتقريب المزبور ، لا تصل النوبة إلى الأصل الحكمي من أصالة البراءة أو الاشتغال ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّه قد مرّ أنّ محل الكلام في المقام إنّما هو فيما إذا لم يكن هناك أصل موضوعي ، ويترتب على ضوئهما أنّ هذه المسألة ـ بناءً على هذه النظرية ـ خارجة عن محل الكلام. نعم ، لو بنينا فيها على عدم جريان هذا الاستصحاب ـ أعني استصحاب العدم الأزلي والعدم النعتي معاً ـ فتدخل المسألة في محل الكلام ، ولا بدّ عندئذ من الرجوع إلى الأصل الحكمي من أصالة البراءة أو الاحتياط ، ومن الواضح أنّه يختلف باختلاف الصور المتقدمة ، بيان ذلك :
أمّا على الصورة الاولى : فبما أنّ المطلوب هو صِرف ترك لبس النجس والميتة وما لا يؤكل ونحو ذلك في الصلاة ، والمفروض حصوله بترك فردٍ مّا من
__________________
(١) راجع مصباح الاصول ٢ : ٣٦١ وما بعدها