فالنتيجة على ضوء هذين الأمرين : هي أنّه لابدّ من الاتيان بالأكثر ليحصل القطع بحصول ذلك العنوان البسيط في الخارج ، ويقطع ببراءة ذمته عن التكليف المعلوم ، وهذا بخلاف ما إذا اقتصر على إتيان خصوص الأقل في الخارج ، فانّه لا يعلم عندئذ بحصول ذلك العنوان البسيط فيه ، ولا يقطع ببراءة ذمته عنه.
ومن هنا تظهر الثمرة بين هذه الصورة والصورتين المتقدمتين بناءً على ما هو الصحيح من جريان البراءة في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين.
نعم ، لو بنينا في تلك المسألة على عدم جريان البراءة وأنّ المرجع فيها هو قاعدة الاشتغال لا غيرها ، فلا تظهر الثمرة وقتئذ بين هذه الصورة وهاتين الصورتين ، إلاّ أنّ هذا الفرض خاطئ جداً وغير مطابق للواقع قطعاً كما تقدّم ، فإذن تظهر الثمرة بينهما ، كما تظهر الثمرة بين هذه الصورة والصورة الاولى ، كما هو ظاهر ، هذا تمام الكلام في مقام الثبوت.
أمّا الكلام في مقام الاثبات والدلالة : فلا بدّ من ملاحظة أدلة مانعية هذه الامور وما شاكلها ، هل المستفاد منها مانعيتها على النحو الأوّل أو الثاني أو الثالث أو الرابع؟
أقول : ينبغي لنا أوّلاً ذكر جملة من الروايات الواردة في باب العبادات والمعاملات بالمعنى الأعم ثمّ نبحث عن أنّ المستفاد من تلك الروايات ما هو.
أمّا الروايات الواردة في باب العبادات فنكتفي بذكر خصوص الروايات الواردة في باب الصلاة فحسب وهي كثيرة :
منها : صحيحة محمّد بن مسلم قال : « سألته عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟ قال عليهالسلام : لا ، ولو دبغ سبعين مرّة » (١).
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٤٣ / أبواب لباس المصلي ب ١ ح ١