وإنّما الفرق بينهما في نقطة اخرى : وهي أنّ الأحكام التحريمية كما تنحل بانحلال موضوعها في الخارج فيما إذا كان لها موضوع ، كذلك تنحل بانحلال أفراد متعلقها فيه ، فالنهي عن سبّ المؤمن مثلاً كما ينحل بتعدد أفراد المؤمن في الخارج ، كذلك ينحل بانحلال أفراد السب ، ويكون كل فرد منه محرّماً.
نعم ، قد يكون انحلال النهي بانحلال متعلقه وتعدده من ناحية تعدد موضوعه وانحلاله في الخارج لا في نفسه ، وذلك كشرب الخمر مثلاً أو شرب النجس أو ما شاكل ذلك ، فانّه يتعدد بتعدد أفراد الخمر أو النجس خارجاً لا في ذاته ، ضرورة أنّ فرداً واحداً منه غير قابل لأن يتعدد شربه ، بل له شرب واحد ، نعم يتعدد باعتبار تعدد الحالات والأزمنة لا في نفسه ، والمكلف في اعتبار الشارع محروم عن جميع أفراد شربه في الخارج من العرضية والطولية.
وهذا بخلاف الأحكام الوجوبية ، فانّها لا تنحل بانحلال أفراد متعلقها في الخارج أصلاً ، إلاّفيما إذا قامت قرينة من الخارج على الانحلال.
فالنتيجة : هي أنّ الأوامر تنحل بانحلال موضوعاتها في الخارج فحسب ، ولا تنحل بانحلال متعلقاتها فيه ، وهذا بخلاف النواهي فانّها تنحل بانحلال موضوعاتها ومتعلقاتها معاً ، وفيما نحن فيه حيث إنّ مانعية لبس ما لا يؤكل والميتة والحرير والذهب والنجس وما شاكل ذلك في الصلاة جعلت لها على نحو القضية الحقيقية ، فمن الطبيعي هو أنّها تنحل بانحلال أفراد هذه الطبائع في الخارج ، فيكون لبس كل فردٍ منها مانعاً مستقلاً ، ولا تكون مانعيته مربوطة بمانعية الآخر ... وهكذا ، وهذا هو المتفاهم العرفي من كل قضية حقيقية من دون شبهة وخلاف.
وكذا لا شبهة في ظهور تلك النواهي في باب المعاملات ـ بالمعنى الأعم ـ في