الثالث : أنّه لا فرق في ذلك بين أن يكون الأمر المتعلق بالترك أمراً ضمنياً ، وأن يكون أمراً استقلالياً ، فكما أنّ مقتضى الاطلاق في الأوّل من جهة الفهم العرفي هو العموم والشمول ، فكذلك مقتضى الاطلاق في الثاني ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً ، كما أنّه لا فرق في الأمر المتعلق بالفعل بين أن يكون أمراً استقلالياً كالأمر بالصلاة والصوم وما شابه ذلك ، وأن يكون أمراً ضمنياً كالأوامر المتعلقة بالعبادات والمعاملات بالمعنى الأعم ، فكما أنّ المتفاهم عرفاً من الاطلاق الثابت بمقدّمات الحكمة في الأوّل هو العموم البدلي وصرف الوجود ، فكذلك المتفاهم عرفاً من الاطلاق الثابت بها في الثاني ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أبداً.
الرابع : أنّ نتيجة الاطلاق عرفاً في هذه الموارد ـ أعني موارد النهي عن العبادات والمعاملات ـ هو العموم الانحلالي دون العموم المجموعي ، لأنّ إرادته تحتاج إلى مؤونة زائدة فلا يتكفل الاطلاق لبيانه.
فالنتيجة قد أصبحت لحدّ الآن : أنّ مقتضى إطلاق هذه النواهي هو تقييد العبادات كالصلاة مثلاً والمعاملات بترك كل فرد من أفراد هذه الطبائع في الخارج من العرضية والطولية.
وعلى ضوء هذا البيان قد اتّضح أنّه لا شبهة في وجوب التقليل في أفراد هذه الموانع والاقتصار على مقدار الضرورة.
نعم ، لو كان المستفاد من تلك الأدلة هو الصورة الثالثة أو الرابعة لم يجب التقليل والاقتصار على قدر الضرورة كما مرّ ، ولكن عرفت أنّ المستفاد منها عرفاً هو الصورة الثانية مطلقاً ، أي في العبادات والمعاملات من دون فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً ، بل الحال في المعاملات أوضح ، ضرورة أنّه