لا يحتمل أن يكون الجهل مثلاً بأحد العوضين أو بهما معاً مانعاً عن صحة المعاملة في مورد واحد ... وهكذا.
ومن هنا يظهر أنّ ما أفاده السيِّد العلاّمة الطباطبائي قدسسره في العروة (١) من وجوب التقليل بالمقدار الممكن والاقتصار على ما تقتضيه الضرورة هو الصحيح ولا مناص عنه ، إلاّ أنّ ما أفاده قدسسره من لزوم التقليل حكماً فضلاً عن التقليل موضوعاً لا يتم صغرى وكبرى ، كما تقدّم بشكل واضح فلا نعيد.
نعم ، لو قلنا بالتزاحم في أمثال هذه الموارد دون التعارض من ناحية ، وسلّمنا اتصاف النجاسة من هذه الجهة بالشدّة والضعف من ناحية اخرى ، فعندئذ لو دار الأمر بين إزالة الفرد الشديد وإزالة الفرد الضعيف ، لكان اللاّزم هو تقديم إزالة الفرد الشديد على إزالة الفرد الضعيف ، لأنّ إزالته أهم من إزالته ، ولا أقل من احتمال كونها أهم منها ، وهذا يكفي للتقديم في مقام المزاحمة.
وهذا بخلاف ما إذا قلنا بكون هذه الموارد داخلة في كبرى باب التعارض ، فانّه عندئذ لا وجه لتقديم إزالة الفرد الشديد على إزالة الفرد الضعيف في مقام المعارضة أصلاً ، وذلك لفرض أنّه لا فرق بينهما في أصل المانعية بالنظر إلى الأدلة ولا تكون شدّته زيادة فيها ، وعليه ففي مثل هذا الفرض نعلم إجمالاً بجعل الشارع أحدهما مانعاً ، فإذن لا بدّ من الرجوع إلى قواعد باب المعارضة ، فإن كان الدليل على أحدهما لفظياً والدليل على الآخر لبياً يتقدّم الأوّل على الثاني ، لفرض أنّ المتيقن من الثاني هو غير هذا المورد ، فلا يشمل مثله.
وإن كان كلاهما لفظياً ، فإن كان التعارض بينهما بالاطلاق يسقطان معاً ،
__________________
(١) تقدّم المصدر في ص ٣٢٠