المسائل الاصولية عن القواعد الفقهية ، فانّ استفادة الأحكام منها من باب التطبيق لا التوسيط. هذا مضافاً إلى أنّ الأحكام المستفادة منها أحكام شخصية لا كلّية.
الثانية : أن يكون وقوعها في طريق الاستفادة بنفسها من دون حاجة إلى ضم كبرى اصولية اخرى ، وبهذه الركيزة تمتاز عن مسائل بقية العلوم ، فانّها وإن كانت دخيلةً في استنباط الأحكام وواقعةً في طريق استفادتها ، إلاّ أنّها لا بنفسها ، بل بضميمة مسألة اصولية.
وبعد ذلك نقول : إنّ في مسألتنا هذه تتوفر كلتا هاتين الركيزتين ، فانّها تقع في طريق الاستنباط بنفسها من دون حاجة إلى ضم كبرى اصولية اخرى ، لما عرفت من أنّه تترتب عليها صحة العبادة في مورد الاجتماع على القول بالجواز وتعدد المجمع بلا ضميمة مسألة اخرى ، وإن لم يترتب عليها أثر شرعي على القول بالامتناع ، ولكنّك عرفت أنّ ترتب الأثر الشرعي على أحد طرفيها يكفي في كونها مسألة اصولية.
السادسة : قد سبق أنّ مسألتنا هذه من المسائل العقلية باعتبار أنّ الحاكم باستحالة اجتماع الأمر والنهي أو إمكانه إنّما هو العقل ولا صلة لها بعالم اللفظ أبداً.
ومن هنا يظهر أنّ النزاع في المسألة لا يختص بما إذا كان الايجاب والتحريم مدلولين لدليل لفظي من كتاب أو سنّة ، بل يعمّ الجميع ـ أي سواء أكانا مدلولين لدليل لفظي أم لم يكونا ـ وإن كان عنوان المسألة يوهم اختصاص النزاع بما إذا كانا مستفادين من اللفظ ، إلاّ أنّه من ناحية الغلبة ، حيث إنّ الدليل عليهما في الغالب هو اللفظ دون غيره.