نفسه وإن كان لا مانع منه ، إلاّ أنّ ذلك لا يمكن من جهة تاثير المصلحة في محبوبيته وتأثير المفسدة في مبغوضيته ، لاستحالة أن يكون شيء واحد محبوباً ومبغوضاً معاً.
قال قدسسره في الأمر التاسع ، ما هذا لفظه : أنّه قد عرفت أنّ المعتبر في هذا الباب أن يكون كل واحد من الطبيعة المأمور بها والمنهي عنها مشتملاً على مناط الحكم مطلقاً حتّى في حال الاجتماع ، فلو كان هناك ما دلّ على ذلك من إجماع أو غيره فلا إشكال ، ولو لم يكن إلاّ إطلاق دليلي الحكمين ففيه تفصيل ، وهو أنّ الاطلاق لو كان في بيان الحكم الاقتضائي لكان دليلاً على ثبوت المقتضي والمناط في مورد الاجتماع ، فيكون من هذا الباب ، ولو كان بصدد الحكم الفعلي فلا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز ، إلاّ إذا علم إجمالاً بكذب أحد الدليلين ، فيعامل معهما معاملة المتعارضين. وأمّا على القول بالامتناع فالاطلاقان متنافيان من غير دلالة على ثبوت المقتضي للحكمين في مورد الاجتماع أصلاً ، فانّ انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن أن يكون لأجل المانع مع ثبوت المقتضي له ، يمكن أن يكون لأجل انتفائه ، إلاّ أن يقال : إنّ قضية التوفيق بينهما هو حمل كل منهما على الحكم الاقتضائي لو لم يكن أحدهما أظهر وإلاّ فخصوص الظاهر منهما.
فتلخّص : أنّه كلّما كانت هناك دلالة على ثبوت المقتضي في الحكمين كان من مسألة الاجتماع ، وكلّما لم تكن هناك دلالة عليه فهو من باب التعارض مطلقاً ، إذا كانت هناك دلالة على انتفائه في أحدهما بلا تعيين ولو على الجواز ، وإلاّ فعلى الامتناع (١).
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٥ ـ ١٥٦