ما إذا كان أحد الواجبين المتزاحمين مشروطاً بالقدرة شرعاً والآخر عقلاً ، فيقدّم ما كان مشروطاً بالقدرة عقلاً على ما كان مشروطاً بالقدرة شرعاً ، وبيان ذلك : أنّ الحكمين المتزاحمين لا يخلوان من أن يكون أحدهما مشروطاً بالقدرة شرعاً دون الآخر ، وأن يكون كلاهما مشروطاً بالقدرة شرعاً أو عقلاً ، فهذه أقسام ثلاثة :
أمّا القسم الأوّل : وهو ما كانت القدرة مأخوذة في أحدهما شرعاً دون الآخر ،فقد ذكر شيخنا الاستاذ قدسسره (١) أنّ الواجب المشروط بالقدرة عقلاً يقدّم على الواجب المشروط بها شرعاً.
وأفاد في وجه ذلك : أنّ ملاك الواجب المشروط بالقدرة عقلاً حيث إنّه تام لا قصور فيه أصلاً فلا مانع من إيجابه بالفعل ، فاذا كان وجوبه فعلياً فلا محالة يكون موجباً لعجز المكلف عن الاتيان بالواجب الآخر ومانعاً عن ثبوت الملاك له ، لتوقفه على القدرة عليه عقلاً وشرعاً على الفرض ، وهذا بخلاف الواجب المشروط بالقدرة عقلاً ، فانّ ثبوت الملاك له لا يتوقف على شيء ما عدا القدرة عليه عقلاً ، والمفروض أنّها موجودة ، فاذن ليس لوجوبه بالفعل أيّة حالة منتظرة أصلاً.
وعلى الجملة : فالواجب المشروط بالقدرة شرعاً يتوقف وجوبه فعلاً على تمامية ملاكه ، والمفروض أنّها تتوقف على عدم فعلية الواجب الآخر ، ومع فعلية ذاك الواجب لا ملاك له ، لعدم القدرة عليه عندئذ شرعاً ، والمفروض أنّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٦ ، ٤ : ٢٧٦