صحّ البعث نحوه وصحّ طلبه ، ولا يكون بعثاً نحو الممتنع وطلباً له. وقد تقدّم الكلام من هذه الناحية في بحث الضد بصورة مفصّلة (١).
ولو تنزّلنا عن ذلك أيضاً وسلّمنا أنّ التكليف يقتضي كون متعلقه خصوص الحصة المقدورة دون الأعم ، فمع ذلك لا يتم ما أفاده قدسسره من عدم انطباق الطبيعة المأمور بها على هذا الفرد ، وذلك لفرض أنّ الصلاة في الدار المغصوبة غير متحدة مع الغصب خارجاً ، وأنّ التركيب بينهما انضمامي لا اتحادي ، كما هو أساس هذا القول ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّها مقدورة عقلاً وشرعاً. أمّا عقلاً فواضح. وأمّا شرعاً فلفرض عدم انطباق كبرى « الممنوع الشرعي كالممتنع العقلي » على المقام ، وذلك لفرض أنّ الصلاة ليست ممنوعة شرعاً وأ نّها سائغة في نفسها ومقدورة تشريعاً ، والممنوع الشرعي هو ما إذا كان الشيء في نفسه ممنوعاً ومنهياً عنه شرعاً ، أو كانت له مقدّمة محرّمة وإن لم يكن في نفسه محرّماً ، وأمّا إذا لم يكن هذا ولا ذاك فلا مانع من كونه مصداقاً للمأمور به وفرداً له ، وبما أنّ الصلاة في الدار المغصوبة على هذا القول ـ أي القول بالجواز ـ ليست بمحرمة على الفرض ولا لها مقدّمة محرمة ، غاية الأمر أنّ إيجادها فيها ملازم لايجاد الحرام ، فلا مانع من كونها مصداقاً للمأمور به ، ولا مانع من انطباق الصلاة المأمور بها بما هي عليها ، ومجرد ملازمة وجودها في الخارج لوجود الحرام لا يمنع عن ذلك ، بعد فرض أنّ وجودها مغاير لوجود الحرام خارجاً.
فالنتيجة : أنّه لو سلّمنا اختصاص التكليف بخصوص الحصة المقدورة ، فمع ذلك لا مانع من الحكم بصحة العبادة في مورد الاجتماع ، لفرض أنّها مقدورة عقلاً وشرعاً ، ومعه لا محالة تنطبق الطبيعة المأمور بها عليها. وما ذكره ( قدس
__________________
(١) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٣٥٢