حال نسيان الحكم أو الموضوع إذا كان عن قصور متين جداً ولا مناص عنه ، ولكن ما نسب إليهم من صحة الصلاة فيها في حال الجهل فقد عرفت أنّه غير تام.
لحدّ الآن قد تبيّن أنّ ما أفاده قدسسره في هذا الأمر من الثمرة لا يمكن إتمامه بدليل ، بل لا يترقب صدوره من مثله قدسسره.
وبعد ذلك نقول : إنّ المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) قد اختار في المسألة القول بالامتناع ، ورتّب ذلك القول على بيان مقدّمات :
الاولى : ما لفظه : أنّه لا ريب في أنّ الأحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر ، ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامة بين البعث نحو واحدٍ في زمان والزجر عنه في ذاك الزمان ، وإن لم يكن بينهما مضادة ما لم تبلغ إلى تلك المرتبة ، لعدم المنافاة والمعاندة بين وجوداتها الانشائية قبل البلوغ إليها كما لا يخفى ، فاستحالة اجتماع الأمر والنهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال ، بل من جهة أنّه بنفسه محال ، فلا يجوز عند من يجوّز التكليف بغير المقدور أيضاً.
ملخّص هذه المقدّمة : هو أنّ المضادة والمعاندة بين الأحكام الخمسة إنّما هي في مرتبة فعليتها وبلوغ تلك الأحكام حدّ البعث والزجر الحقيقيين ، فلا مضادة بينها في مرتبة الانشاء فضلاً عن مرتبة الاقتضاء ، واستحالة الجمع بين اثنين منها في هذه المرتبة في شيء واحد في زمانٍ من باب استحالة اجتماع الضدّين ، فلذا لا تختص بمذهب دون آخر ، بل هو محال مطلقاً حتّى على مذهب الأشعري المجوّز للتكليف بالمحال ، فانّ هذا في نفسه محال.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٨ ـ ١٥٩