لما أفاده قدسسره من صحة الوضوء أو الغسل منه في صورة الجهل عن قصور ، وقد تقدّم الكلام من هذه الناحية في آنية الذهب والفضة بشكل واضح فلا نعيد.
الرابع : وهو التوضؤ أو الاغتسال في الدار المغصوبة ، قد تقدّم الكلام فيه في بحث الضد (١) بشكل مفصّل ، وملخّصه : هو أنّ المكلف تارةً متمكن من الوضوء أو الغسل في غير المكان المغصوب ، وتارة اخرى لايتمكن منه في غيره لانحصار الماء فيه ، فعلى الثاني بما أنّ متعلق الأمر هنا غير متعلق النهي ، حيث إنّ الأوّل عبارة عن الغسلتين والمسحتين مثلاً ، والثاني عبارة عن الكون في الدار ، والمفروض أنّهما لا ينطبقان على موجود واحد في الخارج ، فلا مانع من القول بالجواز ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّ وظيفة المكلف في هذا الفرض وإن كانت هي التيمم ، لفرض أنّه لا يتمكن من الوضوء أو الغسل شرعاً وإن تمكن منه عقلاً ، وقد ذكرنا في غير مورد أنّ مشروعية الوضوء أو الغسل مشروطة بالتمكن من استعمال الماء عقلاً وشرعاً ، وفي المقام بما أنّ الوضوء أو الغسل يتوقف على ارتكاب محرّم ـ وهو التصرف في مال الغير ـ فلا يتمكن منه ، فإذن لا محالة تكون وظيفته التيمم لكونه فاقداً للماء.
فالنتيجة على ضوئهما هي : أنّ المكلف لو عصى ودخل الدار المغصوبة فتوضأ أو اغتسل فلا إشكال في صحته ، بناءً على ما حققناه من إمكان الترتب ، وهذا واضح. وعلى الأوّل فلا شبهة في صحة الوضوء أو الغسل ولو قلنا بالفساد في الفرض الأوّل ، وذلك لأنّ الصحة في هذا الفرض لا تتوقف على القول بالترتب ، بل لو قلنا باستحالته فمع ذلك يكون صحيحاً ، والوجه فيه : هو أنّ المكلف
__________________
(١) في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٥١١