_______________________________________________________
وأمّا إذا لم يكن صحيحاً في بدنه فتجب عليه الاستنابة ، لدلالة جملة من الروايات على ذلك كما عرفت.
ونتيجة ما ذكرناه : هي أنّ صحة البدن ليست شرطاً لوجوب الحج على الاطلاق لتكون نتيجته سقوط وجوبه بفقدانها ، وإنّما هي شرط له على نحو المباشرة. هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ الاستطاعة في الصحيحتين الأخيرتين وإن فسّرت بقوله عليهالسلام : « يكون له ما يحج به » إلاّ أنّ الظاهر أنّ هذا التفسير ليس تفسيراً مغايراً لتفسيرها في الصحيحتين الاوليين ، بل هو عبارة اخرى عن تفسيرها بوجدان الزاد والراحلة مع أمن الطريق ، والوجه فيه واضح وهو أنّ قوله عليهالسلام : « يكون له ما يحج به » ظاهر في أن يكون للمكلف ما يتمكن بسببه من أداء فريضة الحج فعلاً ، ومن الواضح جداً أنّه لا يتحقق إلاّبملكه الزاد والراحلة مع أمن الطريق ، إذ مع تحقق هذه الامور ووجدانها يتمكن من أداء تلك الفريضة فعلاً وإلاّ فلا.
ثمّ إنّه لا يخفى أنّه يعتبر في وجوب فريضة الحج أمر آخر أيضاً زائداً على الامور المزبورة ، وهو وجود مؤونة العيال وكفايتهم حتّى يرجع إليهم بمقتضى قوله عليهالسلام في صحيحة ابن محبوب « فما السبيل؟ قال فقال عليهالسلام : السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضاً لقوت عياله ، أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلاّعلى من يملك مائتي درهم » (١) وهو يدل على اعتبار وجود مؤونة العيال إلى زمان الرجوع إليهم في وجوب الحج ، وانّه لا يكفي في وجوبه وجود ما يفي بحجه فحسب. وعليه فلا محالة تكون هذه الصحيحة مقيدة لاطلاقات الروايات المتقدمة بصورة ما إذا كان المال ـ
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٧ و ٣٨ / أبواب وجوب الحج ب ٩ ح ١ ، ٢.