فتحصّل : أنّه لا مانع من الالتزام بالترتب هنا ، وقد تقدّم أنّه لا فرق في إمكان الترتب واستحالته بين أن يكون من جانب واحد أو من جانبين. وأمّا عدم التزام شيخنا الاستاذ قدسسره به في المقام مع أنّه من القائلين به مطلقاً من دون فرق بين أن يكون من طرف أو من طرفين ، فمن جهة ما بنى قدسسره على أصل فاسد ، وهو أنّ الترتب لا يجري فيما إذا كانت القدرة المأخوذ فيه شرعية كما عرفت.
وعلى هذا الأساس يترتب أنّ التخيير بينهما تخيير عقلي ، كالتخيير بين واجبين متزاحمين يكون كل منهما مشروطاً بالقدرة عقلاً ، فانّ المكلف بعد ما لا يتمكن من امتثال كلا التكليفين معاً فلا محالة يكون مخيراً بين امتثال هذا وامتثال ذاك بحكم العقل ، فلا موضوع عندئذ للتخيير الشرعي أصلاً. وتظهر الثمرة في المقام بين كون التخيير شرعياً وكونه عقلياً ، فيما إذا كان المكلف تاركاً لامتثال كلا الواجبين معاً ، فانّه على الأوّل يستحق عقاباً واحداً ، لوحدة التكليف على الفرض. وعلى الثاني يستحق عقابين ، لما عرفت من أنّ لازم القول بالترتب هو تعدد العقاب من جهة تعدد التكليف ، وقد ذكرنا أنّه لا مانع من الالتزام بتعدد العقاب ، بل لا مناص عنه ، وأ نّه لا يكون عقاباً على ترك ما ليس بالاختيار ، فانّ تعدد العقاب من جهة الجمع بين التركين ، لا من جهة ترك الجمع بينهما ، وقد مرّ بيان ذلك بصورة واضحة فلا حاجة إلى الاعادة.
وأمّا القسم الثالث : وهو ما إذا كان كل من الواجبين مشروطاً بالقدرة عقلاً ، فيقع الكلام فيه في مقامين :
الأوّل : فيما إذا كان أحد التكليفين أهم من الآخر ، أو محتمل الأهمّية.
الثاني : فيما إذا كانا متساويين.
أمّا المقام الأوّل : فلا إشكال في تقديم الأهم على المهم ، سواء أكان الأهم