الأوّل لا محالة يكون المكلف فاقداً للماء بالاضافة إلى صلاة العصر ، فوظيفته التيمم. وعلى الثاني بما أنّ صلاته باطلة ، لأنّ وظيفته كانت الطهارة المائية ، لكونه واجداً للماء على الفرض ، فلا تكون الطهارة الترابية مشروعة له ، فلا يجوز له الاتيان بالعصر مع الطهارة المائية ، لعدم جواز الاتيان به قبل الاتيان بالظهر ، والمفروض أنّ الأمر بالظهر باقٍ على حاله ، وعليه بما أنّه لا يكون مكلفاً فعلاً بالعصر ، فلا يكون مانع من قبله من صرف الماء في الوضوء أو الغسل لصلاة الظهر ، ومن هنا يظهر حال الصورة الأخيرة كما هو واضح ، وكذا حال بقية الأجزاء والشرائط.
وقد تحصّل مما ذكرناه : أنّه لا مزاحمة حقيقة في أمثال هذه الموارد أصلاً ، هذا كلّه فيما إذا كانت القدرة المأخوذة في الواجب المتأخر القدرة الخاصة ، وهي القدرة في ظرف العمل.
وأمّا إذا كانت القدرة المأخوذة فيه القدرة المطلقة ، بأن استكشفنا من القرائن الداخلية أو الخارجية أنّه واجد للملاك الملزم في ظرفه بمجرد القدرة عليه ولو آناً ما ، ففي مثل ذلك قد عرفت أنّه لا وجه لتقديم ما هو أسبق زماناً على الآخر ، بل لا بدّ من ملاحظة الأهمّية في البين.
والوجه في ذلك هو أنّ العقل كما يحكم بصرف القدرة في امتثال الواجب المتقدم ، كذلك يحكم باحتفاظها للواجب المتأخر ، ضرورة أنّه لا فرق في نظر العقل بين تفويت الواجب الفعلي وتفويت الملاك الملزم في ظرفه ، فكما أنّه يحكم بقبح الأوّل فكذلك يحكم بقبح الثاني ، وعليه فلا أثر للسبق الزماني هنا أصلاً. فاذن إن كان أحدهما أهم من الآخر أو محتمل الأهمّية فيقدّم عليه ، بلا فرق بين كونه متقدماً عليه زماناً أو متأخراً عنه ، وبلا فرق بين القول بامكان الترتب والقول باستحالته ، وإلاّ فيحكم العقل بالتخيير بينهما ، كما تقدّم بشكل واضح.