__________________
المناط الواقعي في مورد حكم الشّرع لامتناع تخلف المعلول عن علّته ، فإذا فرض الشّك في بقاء حكم الشّرع في الزّمان الثّاني في الموارد الّتي لا يستقل بها العقل ، فلا بدّ أن يكون هذا الشك ناشئا من الشك في بقاء المناط الواقعي المعلوم إجمالا لامتناع الشك في بقاء الحكم مع القطع ببقاء مناطه لامتناع تخلف العلّة عن معلوله ، ففي كل مورد يشك في بقاء الحكم الشّرعي التعبّدي لا بد أن يكون هذا الشك ناشئا من بقاء مناطه الّذي هو موضوع الحكم الّذي يقوم به في الواقع ، ومقتضاه عدم جواز استصحاب الأحكام الشّرعيّة كالعقليّة لاشتراكهما في علّة عدم الجريان.
وحاصل الجواب : أن السؤال إنما يتجه على القول باعتبار الإستصحاب من باب الظنّ لما عرفت : أنّ الشكّ في بقاء الحكم الواقعي أو الظن به لا ينفك عن الشك في بقاء موضوعه الواقعي أو الظنّ به ، وأمّا إن قلنا باعتباره من باب التعبّد والأخبار فلا ريب في أنّ المدار في بقاء الموضوع حينئذ إنّما هو على بقاء ما جعل موضوعا للحكم في الأدلّة بحسب العرف.
وبقاء هذا الموضوع عرفا قد يكون مع الشك في بقائه ، وقد يكون مع الظنّ به ، وقد يكون مع الظنّ بخلافه كما أوضحناه عند شرح قوله : ( نظرا إلى أن الأحكام العقليّة كلّها مبنيّة ... إلى آخره ).
وبالجملة : إنّ موضوع الحكم العقلي هو علّته التّامة كما أوضحناه هنا وهناك ، وأمّا موضوع الحكم الواقعي الّذي لا يدور مدار العلم والجهل فهو كذلك أيضا ، وأمّا موضوع الأحكام الفعليّة المتوجّهة إلى المكلّفين فهو المذكور في الأدلّة وهو أعمّ من موضوع الحكم الواقعي فقد يوافقه وقد يتخلّف عنه ولا يدور مدار العلم بالحكم ولا الظنّ به ، بل قد يقطع به مع الشكّ في حكمه كما أوضحناه هناك.
نعم لو بيّن الشّارع الحكم الواقعي وموضوعه الواقعي الذي قام به لم يصح الاستصحاب حينئذ مع الشكّ في بقاء موضوعه لعدم صدق بقاء الموضوع حينئذ » إنتهى. أنظر أوثق