__________________
الاستغراق إنّما يفيد تعريف الماهية ، والنفي الدّاخل عليه أيضا إنّما يفيد نفي الماهية المعيّنة من حيث هي لا من حيث تحقّقها في ضمن جميع أفرادها ؛ لأنّ العموم المستفاد من باب السّراية أو دليل الحكمة إنما استفيد من تعليق الحكم على الطّبيعة من باب الالتزام العقلي ، والنّفي إنّما يفيد سلب الحكم عن الطّبيعة من حيث هي لا باعتبار لازمها العقلي فالعموم حينئذ ليس قيدا زائدا في الكلام ليتوجّه النّفي إلى سلبه ، وكذا على القول بكون المفرد المعرّف حقيقة في الاستغراق لأنّ القائل به إنّما يقول بكون اللاّم موضوعة للإشارة إلى طبيعة مدخولها إلاّ أنّ الطبيعة تراد تارة من حيث هي وأخرى في ضمن فرد ما وثالثة في ضمن جميع الأفراد والموضوع له على كل تقدير هي الطبيعة فيكون مشتركا معنويا بين هذه المعاني وحينئذ يكون العموم الاستغراقي من لوازم تحقق الطبيعة في ضمن جميع أفرادها لا معنى وضعيّا له بالخصوص.
فإذا وقع المفرد المعرف في حيّز النّفي أو النّهي وأريد به نفي الطبيعة في ضمن جميع الأفراد فالنّفي إنّما يتوجه إلى الطبيعة التي وضعت اللاّم للإشارة إلى ما لا إليما هو لازم المراد كما يشهد به العرف ؛ لأنّ المفهوم من مثله عرفا عموم النّفي لا نفي العموم ، ولذا ترى أن التفتازاني مع قوله. بكون المعرف باللاّم حقيقة في المعاني الثلاثة على نحو ما ذكرناه قد ارتضى ما حكاه عن صاحب الكشّاف من حمل الجمع المعرف باللاّم الواقع في حيّز النّفي وغير الواقع فيه على العموم الأفرادي مثل قوله تعالى : ( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ ) وقوله تعالى ( وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً ) وقوله سبحانه : ( رَبِّ الْعالَمِينَ*) والمفرد المعرف أولى بذلك. وأمّا على القول بكون المفرد المعرف باللاّم على هيئة التركيبيّة موضوعا للاستغراق والعهد الخارجي والذّهني على سبيل الاشتراك اللفظي فنفيه على تقدير إرادة الاستغراق منه وإن استلزم نفي العموم إلاّ أنّ هذا قول نادر بل لم أتحقق هذا قولا لأحد ، إلاّ ما يدّعى من إشعار بعض العبارات به ، وبالجملة : إنّه فرق بيّن بحسب متفاهم العرف بين وقوع لفظ كلّ في حيّز