(٦٩) قوله : ( ولو حمل على المعنى الأعمّ لم يكن فيه دلالة ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ٧٣ )
في الفرق بين قاعدة الطهارة واستصحابها
أقول : المقصود من المعنى الأعم : هو المعنى الأوّل الّذي ذكره للحديث. وحقيقته أعمّ من حيث المورد بالنّسبة إلى المعنى الثّاني ، أي : استصحاب الطّهارة ، ومن الواضح الّذي لا ينبغي الارتياب فيه لأحد : أنّه لا دلالة لهذا المعنى على اعتبار الاستصحاب ؛ حيث إنّ العلّة فيه نفس الشّك في الطّهارة من غير أن يكون لسبق الطّهارة مدخليّة أصلا ، ولهذا يحكم بوجودها فيما لم يعلم له حالة سابقة أصلا بل علم خلافها.
فلو كان المناط هو سبق الطّهارة لم يمكن الحكم فيما لم يكن له حالة سابقة ، فكيف فيما كانت الحالة السّابقة على خلاف الطّهارة؟ وفي الاستصحاب هو سبقها والتيقّن بوجودها سابقا ، مع أنّ المنشأ في القاعدة هو نفس الطّهارة لا استمرارها ، وفي الاستصحاب استمرارها. فكيف يدلّ أحدهما على الآخر؟
وبعبارة أخرى أوضح : المعنى الأوّل الّذي يعبّر عنه بقاعدة الطّهارة يجري فيما كان مسبوقا بالطّهارة ، وفيما كان مسبوقا بالنّجاسة ، وفيما لم يعلم له حالة سابقة أصلا ، أو علم بعدم حالة سابقة له كما في الشّبهة الحكميّة ، فلا بدّ من أن يكون العلّة فيها غير سبق الطّهارة على ما هو المناط في استصحاب الطّهارة ، وإلاّ لزم أعميّة المعلول عن العلّة وهو محال.
فالعلّة للطّهارة في القاعدة فيما كان مسبوقا بالطّهارة ليس إلاّ نفس ما هو العلّة فيما لم يسبق بالطّهارة وهو نفس الشّك. ومعلوم أنّ الاستصحاب ليس هو