لو فرض ثمّة ما يدلّ عليها.
فإن قلت : ما يقضي بعدم وجود السّبب يقضي بعدم سببيّة الموجود أيضا ، وكونه من أفراد غير السّبب ؛ لعدم تعقّل التّفكيك بينهما فهو يعارض بهذا الاعتبار ما يقضي بسببيّته.
قلت : عدم التّفكيك بين العدمين وإن كان مسلّما ، إلّا أنّ تلك الملازمة إنّما جاءت من حكم العقل لا من حكم الشّرع ، فهو كرّ على ما فرّ منه ، ولا يجوز إجراء الأصل أي : استصحاب العدم بالنّسبة إلى نفس الفعل الموجود بأن يقال : الأصل عدم صدوره من بالغ مثلا ؛ لأنّه يرد عليه ـ مضافا إلى إمكان منع أصل جريانه ـ أنّه لا يقضي بكون البيع المفروض صادرا عن غير البالغ لوجهين : أحدهما : كونه أصلا مثبتا كما هو واضح. ثانيهما : كونه معارضا بأصالة عدم صدوره عن غير البالغ ، هذا كلّه. مضافا إلى أنّه لو بني على تلك الملاحظة لزم الحكم باقتضاء أصالة الفساد أيضا ؛ لكون العقد الخارجي صادرا عن غير البالغ مثلا ، وهو كما ترى.
لأنّا نقول : إثبات كون البيع هو البيع الصّادر عن غير البالغ باستصحاب عدم بلوغ البائع بعد فرض العلم بصدور العقد عنه ليس من التّعويل على الأصل المثبت ؛ لعدم واسطة في البين ، ولو فرض ثمّة واسطة فلا ريب في كونها من الوسائط الخفيّة الغير المانعة عن التّعويل على الأصل ؛ لإثبات الحكم المترتّب عليها على ما عرفت تفصيل القول فيه في طيّ كلماتنا السّابقة.
وبالجملة : ليس التّمسك باستصحاب عدم البلوغ لإثبات كون البيع متّصفا بكونه عن غير البالغ ومقيّدا به إلّا كالتّمسّك بالاستصحابات العدميّة لإثبات القيود العدميّة للموضوعات الوجوديّة الّتي تكون كلماتهم مشحونة بها ، كما يعلم من