الرّجوع إليها كاستصحاب عدم صدور الكبيرة ممّن علم بوجود ملكة العدالة له ، بناء على أنّ العدالة هي الملكة مع عدم صدور الكبيرة فعلا ، وكأصالة عدم تعلّق حقّ الغير بالمال الّذي يراد صرفه فيما يكون تعلّق حقّ الغير به مانعا عنه إذا شكّ في تعلّقه به ، وكأصالة عدم تغيّر الماء بالنّجس فيما شكّ في تغيّره به ، وكأصالة عدم الفسق في العالم إذا أمر بإكرام العالم الغير الفاسق إلى غير ذلك من الأمثلة والنّظائر. هذا ملخّص ما يقال في توجيه الوجه الثّالث.
ولكنّك خبير بما فيه :
أمّا أوّلا ؛ فلأنّ دعوى خروج الأصل المذكور عن الأصول المثبتة ممّا لا وجه له أصلا ؛ لأنّ كون العقد صادرا من غير البالغ ليس من الأحكام الشّرعيّة لعدم بلوغ البائع ، وقد مرّ الكلام في نظائره في طيّ كلماتنا السّابقة.
والحاصل : أنّ أصالة عدم البلوغ إنّما يقتضي ترتّب الآثار الشّرعيّة المترتّبة على عدم بلوغه بلا واسطة ، ولا يشخّص حال الموجود الخارجي وكونه مقيّدا بمجراه ، وأمّا تمسّك الأصحاب بأمثال الأصل المذكور ونظائره في أبواب الفقه فإنّما هو من جهة بنائهم على اعتبار الأصول المثبة في الجملة.
وأمّا ثانيا ؛ فلأنّه وإن سلّم عدم المانع في إثبات كون العقد صادرا عن غير البالغ من جهة استلزامه التّعويل على الأصل المثبت ، إمّا من جهة منع الواسطة أو خفائها ، وإمّا من جهة القول باعتبار الأصول المثبتة. إلّا أنّا ندّعي : وجود المانع له من جهة أخرى ، وهو : أنّ الفساد ليس من آثار العقد الصّادر من غير البالغ ومن الأحكام المترتّبة عليه ، حتّى يمكن إثباته ؛ لترتّبه عليه وإن فرض له أثر آخر غير الفساد ، كما أنّ الصّحة من أحكام العقد الصّادر من البالغ.