بمقتضى قوله عليهالسلام : « لايحل مال امرئ مسلم إلاّبطيب نفسه » (١) ونحوه ، لا تختص بمال دون مال وبتصرف دون آخر ، فهي تنحل بحسب الواقع بانحلال موضوعها ومتعلقها في الخارج ، ففي الحقيقة تكون نواهٍ متعددة بعدد أفراد الموضوع والمتعلق ، فيكون كل تصرف محكوماً بالحرمة على نحو الاستقلال من دون ارتباط حرمته بحرمة تصرف آخر ... وهكذا.
وهذا بخلاف الاطلاق في طرف دليل الأمر فانّه بدلي ، وذلك لأنّ الأمر المتعلق بصرف الطبيعة من دون تقييدها بشيء يقتضي كون المطلوب هو صرف وجودها في الخارج بعد استحالة أن يكون المطلوب هو تمام وجودها ، ومن المعلوم أنّ صرف الوجود يتحقق بأوّل الوجود فيكون الوجود الثاني والثالث وهكذا غير مطلوب ، وهذا معنى كون الاطلاق في طرف الأمر بدلياً ، وقد بينّا السر في أنّ الاطلاق في طرف الأوامر المتعلقة بالطبائع بدلي والاطلاق في طرف النواهي المتعلقة بها شمولي في أوّل بحث النواهي بصورة مفصّلة فلاحظ (٢) ولذلك ـ أي لكون الاطلاق في طرف النهي شمولياً ، وفي طرف الأمر بدلياً ـ ذكروا أنّ الاطلاق الشمولي يتقدم على الاطلاق البدلي في مقام المعارضة ، وذهب إليه شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره (٣) وتبعه على ذلك شيخنا الاستاذ قدسسره (٤) واستدلّ عليه بوجوه ثلاثة وقد تقدمت تلك الوجوه
__________________
(١) الوسائل ٥ : ١٢٠ / أبواب مكان المصلي ب ٣ ح ١ ، ٢٩ : ١٠ / أبواب القصاص في النفس ب ١ ح ٣ ( مع اختلاف يسير ).
(٢) المجلد الثالث من هذا الكتاب ص ٢٩٥ وما بعدها.
(٣) مطارح الأنظار : ٤٩.
(٤) أجود التقريرات ١ : ٢٣٥.