لاحتياجها إليها ، كما أنّه ظهر بذلك خروج مثل دلالة الاقتضاء والتنبيه والاشارة وما شاكل ذلك عن محل الكلام ، فانّ اللزوم في مواردها من اللزوم غير البيّن فيحتاج الانتقال إلى اللازم فيها إلى مقدمة خارجية. مثلاً دلالة الآيتين الكريمتين على كون أقل الحمل ستة أشهر كما أنّها ليست من الدلالة المطابقية كذلك ليست من الدلالة الالتزامية التي يعتبر فيها كون اللزوم بيّناً ، والمفروض أنّ الملازمة فيها غير بيّنة ، بل هي من الدلالة الاقتضائية فتحتاج إلى ضم مقدمة اخرى وبدونها فلا دلالة. فالنتيجة : أنّ اللزوم في موارد تلك الدلالات غير بيّن.
ومن هنا يظهر ما في كلام شيخنا الاستاذ قدسسره (١) من الخلط بين اللزوم البيّن بالمعنى الأعم واللزوم غير البيّن ، حيث إنّه قدسسره مثّل للأوّل بتلك الدلالات مع أنّك عرفت أنّ اللزوم فيها غير بيّن لاحتياجها إلى ضم مقدمة خارجية ، فهذا هو نقطة الامتياز بين اللزوم البيّن واللزوم غير البيّن.
وأمّا نقطة الامتياز بين اللزوم البيّن بالمعنى الأعم واللزوم البيّن بالمعنى الأخص فهي أمر آخر ، وهو أنّه يكفي في اللزوم البيّن بالمعنى الأخص نفس تعقل الملزوم في الانتقال إلى لازمه ، وهذا بخلاف اللزوم البيّن بالمعنى الأعم فانّه لا يكفي فيه ذلك ، بل لا بدّ فيه من تصور اللازم والملزوم والنسبة بينهما في الجزم باللزوم ، نعم هما يشتركان في نقطة اخرى وهي عدم الحاجة إلى ضم مقدمة خارجية.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة : وهي أنّ في كل مورد لم يحتج لزوم انفهام شيء لانفهام شيء آخر إلى ضم مقدمة اخرى فهو من اللزوم البيّن
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٤٣.