السفر (١).
وغير خفي أنّ الصوم في السفر ليس مثالاً لمحل الكلام هنا ، والوجه في ذلك :
هو أنّه ليس بمأمور به في غير الموارد المستثناة لا وجوباً ولا استحباباً ليلزم اجتماع الوجوب أو الاستحباب مع الكراهة ، ضرورة أنّه غير مشروع فيما عدا تلك الموارد ، والاتيان به بقصد الأمر تشريع ومحرّم ، فإذن لا وجه لعدّه من أمثلة المقام. وأمّا في موارد استثنائه كما إذا نذر الصوم في السفر فليس بمكروه ليلزم اجتماع الوجوب مع الكراهة.
وقد أجاب المحقق صاحب الكفاية قدسسره عن هذا الدليل بوجهين : الأوّل : بالاجمال. والثاني : بالتفصيل.
أمّا جوابه الاجمالي فإليك نصّه : فبأ نّه لا بدّ من التصرف والتأويل فيما وقع في الشريعة مما ظاهره الاجتماع بعد قيام الدليل على الامتناع ، ضرورة أنّ الظهور لا يصادم البرهان. مع أنّ قضية ظهور تلك الموارد ، اجتماع الحكمين فيها بعنوان واحد ، ولا يقول الخصم بجوازه كذلك ، بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين وبوجهين ، فهو أيضاً لا بدّ له من التفصي عن إشكال الاجتماع فيها ، سيما إذا لم يكن هناك مندوحة كما في العبادات المكروهة التي لا بدل لها ، فلا يبقى له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فيها على جوازه أصلاً كما لا يخفى (٢).
ونوضّح ما أفاده قدسسره في عدّة نقاط :
الاولى : أنّ الظاهر من هذه الموارد وإن كان اجتماع الحكمين في شيء واحد ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٦١.
(٢) كفاية الاصول : ١٦٣.