الرابع : لو تنزّلنا عن ذلك أيضاً وسلّمنا أنّ قصد القربة غير مأخوذ في متعلق الأمر مطلقاً ، أي لا في متعلق الأمر الأوّل ولا في متعلق الأمر الثاني ، فمع ذلك لا يتم ما أفاده قدسسره ، وذلك ضرورة أنّ النهي لم يتعلق بخصوص قصد القربة فحسب ، ليكون متعلقه غير متعلق الأمر ، بل تعلق بحصة خاصة من الصوم ، وهي الحصة العبادية التي يعتبر فيها قصد القربة. مثلاً المنهي عنه في المقام هو خصوص الصوم العبادي في يوم عاشوراء في مقابل ما إذا كان المنهي عنه هو مطلق الامساك ، لا أنّ المنهي عنه هو خصوص قصد القربة دون ذات العبادة ، بداهة أنّه لا يعقل أن يكون خصوص قصدها منهياً عنه كما هو واضح. فإذن لا محالة يكون المنهي عنه هو إتيانها بقصد القربة ، وعليه فمحذور لزوم كون شيء واحد مصداقاً للمأمور به والمنهي عنه باقٍ على حاله ، ضرورة أنّ الاتيان بها بقصد القربة إذا كان منهياً عنه يستحيل أن يكون مصداقاً للمأمور به ، لاستحالة أن يكون شيء واحداً محبوباً ومبغوضاً معاً.
فالنتيجة مما ذكرناه قد أصبحت : أنّ ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره غير تام صغرى وكبرى. إذن فالصحيح هو ما ذكرناه من أنّ النهي هنا ليس ناشئاً عن مفسدة في متعلقه ومبغوضية فيه ، بل هو باقٍ على ما هو عليه من المحبوبية ، ولذا يكون الاتيان به صحيحاً ، بل هو لأجل أرجحية الترك من الفعل باعتبار انطباق عنوان راجح عليه أو ملازمته له خارجاً ووجوداً ، كما تقدّم ذلك بشكل واضح. هذا تمام الكلام في القسم الأوّل.
وأمّا القسم الثاني : وهو ما إذا كان للعبادة المنهي عنها بدل ، فيمكن أن يجاب عنه بعين هذا الجواب بلا زيادة ونقيصة.
ويمكن أن يجاب عنه بشكل آخر : وهو أنّ النهي في هذا القسم متعلق بحصة خاصة من الواجب ، كالنهي عن الصلاة في الحمام وفي مواضع التهمة وما شاكل