إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة : وهي أنّ ما ذكروه من الوجوه لاثبات دلالة القضية الشرطية على المفهوم وضعاً أو إطلاقاً لا يتم شيء منها ، ومن هنا قد اختار المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) عدم دلالتها على المفهوم إلاّفيما قامت قرينة على ذلك ، ولكن أين هذه من دلالتها عليه وضعاً أو إطلاقاً.
فالصحيح في المقام أن يقال : إنّ دلالة القضية الشرطية على المفهوم ترتكز على ضوء نظريتنا في بابي الاخبار والانشاء ، ولا يمكن إثبات المفهوم لها على ضوء نظرية المشهور في البابين ، فلنا دعويان :
الاولى : عدم دلالة القضية الشرطية على المفهوم على وجهة نظرية المشهور في هذين البابين ، لا بالوضع ولا بالاطلاق.
الثانية : دلالتها عليه على وجهة نظريتنا فيهما.
أمّا الدعوى الاولى : فقد ذكرنا في محلّه أنّ المعروف والمشهور بين الأصحاب هو أنّ الجملة الخبرية موضوعة للدلالة على ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها عنه ، والجملة الانشائية موضوعة للدلالة على إيجاد المعنى في الخارج. وعلى ضوء ذلك فلا يمكن إثبات المفهوم للقضية الشرطية لا من ناحية الوضع ولا من ناحية الاطلاق ، لما تقدم من أنّ غاية ما تدل القضية عليه هو ترتب الجزاء على الشرط وتفرّعه عليه ، سواء أكانت القضية في مقام الاخبار أم كانت في مقام الانشاء. وأمّا كون الجزاء معلولاً للشرط فقد عرفت عدم دلالة القضية عليه ولو بالاطلاق فضلاً عن الوضع ، وعلى تقدير التنزل عن ذلك وتسليم دلالتها عليه ، إلاّ أنّها لا تدل على كون هذا الترتب على نحو ترتب
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٩٤ ـ ١٩٦.